حتى أنّ الباقلاني جعل جميع هذه الألفاظ منه ، وأنكر استعماله في غير المعاني اللغوية ولو مجازا (١).
ومن هذا القبيل ألفاظ العبادات التي كانت معروفة قبل الشارع كالحج والطواف ، بل الصلاة ـ في وجه ـ كما لعلّه الظاهر من قوله تعالى : ( وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً )(٢).
ومنها ألفاظ لمعان دينية ، لا عهد للعرب بها ، وهي ألفاظ قليلة ، ومهما وردت عنه فالغالب كونها مقرونة بقرائن تعيّن المراد منها ، وهذا أيضا ممّا يوجب قلّة النّفع في هذا البحث ، ويحطّ من قدره.
وبالجملة ، ذكر القوم هذا النزاع فيها ، وسكتوا عمّا لها من الأقسام ، بل أدخل بعضهم في حريمه جميع الألفاظ المتداولة في ألسن المتشرّعة الكائنة حقيقة عندهم في المعاني الشرعية.
وقد تنبّه لوضوح فساده صاحب الهداية (٣) ، ووضع للتي تدور مدار البحث عليها شروطا ملخّصها : كون الألفاظ متداولة في ألسنة المتشرعة من قديم الأيام ، وأن تكون بالغة حدّ الحقيقة عند المتشرّعة في ذلك الزمان ، وأن تكون تلك الألفاظ هي التي يعبر بها الشارع عن تلك المعاني غالبا ، وحكم بشمول النزاع لجميع ما اجتمعت فيه هذه الشروط من هذه الألفاظ ، واستظهر ذلك من القائلين بثبوت الحقيقة الشرعية ، ثم اختار القول بالإثبات ، واستدلّ له بوجوه عرف مواقع النّظر (٤) فيها ، فاعتذر بأنّ من ضمّ بعضها إلى بعض تحصل المظنة
__________________
(١) الفصول الغروية : ٤٣.
(٢) الأنفال : ٣٥.
(٣) الشيخ محمد تقي صاحب ( هداية المسترشدين ) جدّ المصنّف طاب ثراهما. ( مجد الدين )
(٤) عرف ضعفها ، وورود الإشكال عليها. ( مجد الدين )