وهي كافية في المقام (١).
أقول : ومع مراعاة ما ذكره من الشروط فالقول بثبوتها في جميع هذه الألفاظ صعب جدّاً.
نعم لا ينبغي الريب في ثبوتها في الجملة ، فالحقّ مع المثبت إن قنع بالإيجاب الجزئي في مقابل السلب الكلّي ، ولا سيّما لو جعل الوضع أعم من التعييني والتعيّني ، لأنّا نعلم أنّ مثل لفظ الصلاة الّذي كان لا يقرع أسماع الصحابة في كل يوم وليلة أقلّ من عشرين مرّة ، كانوا يفهمون هذه العبادة من اللفظ من غير احتياج إلى قرينة ، ولكن الظاهر عدم الوضع تعيينا ، بل حصوله تعيّنا في صدر الإسلام.
وكان بعض مشايخنا رحمه الله يذهب إلى ثبوت الوضع على النحو الأول ، ويقول : إنّ قوله عليه السلام : « إنّ الصلاة ثلث طهور ، وثلث ركوع » (٢) وقوله : « لا يضر الصائم إذا اجتنب أربع خصال » (٣) ونحو ذلك بمنزلة ما يقوله مخترع بعض المعاجين : إن الإطريفل (٤) أجزاؤه كذا وكذا ، فإنه بيان للوضع وإعلام به بلسان بيان أجزائه الموضوع له ، وهذا استحسان حسن ، مأخوذ من كلام العلاّمة ـ الجدّ ـ في الهداية ، ولكن هذه الروايات لم ترد عن النبيّ صلّى الله عليه وآله ، بل وردت في أزمنة لا يحتاج إثبات الحقيقة فيه إلى دليل.
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٩٣ ـ ٩٤.
(٢) الفقيه ١ : ٢٢ ـ ٦٦ ، الكافي ٣ : ٢٧٣ ـ ٨ ، التهذيب ٢ : ١٤٠ ـ ٥٤٤ والحديث مروي عن الصادق عليه السلام ، ونصّ الحديث هكذا : « الصلاة ثلاثة أثلاث ، ثلث طهور ، وثلث ركوع ، وثلث سجود ».
(٣) الفقيه ٢ : ٦٧ ـ ٢٧٦. وفيه عن الإمام الباقر عليه السلام.
(٤) بكسر الهمزة وسكون الطاء المهملة وكسر الراء وسكون الياء وكسر الفاء : معجون معروف ودواء مشهور في الطب القديم. ( مجد الدين )