واعلم أنّ الشيخ الأستاذ (١) بعد أن استقرب الوضع التعيّني في الألفاظ المتداولة على لسان الشارع ، قال ما لفظه :
« هذا كلّه بناء على كون معانيها مستحدثة في شرعنا ، وأما بناء على كونها ثابتة في الشرائع السابقة ، كما هو قضية غير واحد من الآيات ، مثل قوله تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ )(٢) إلى آخره ، وقوله : ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ )(٣) وقوله تعالى : ( وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا )(٤) إلى غير ذلك ، فألفاظها حقائق لغويّة لا شرعيّة ، واختلاف الشرائع فيها جزءا وشرطا لا يوجب اختلافها في الحقيقة والماهيّة ، إذ لعلّه كان من قبيل الاختلاف في المصاديق والمحققات كاختلافها بحسب الحالات في شرعنا » (٥) انتهى.
واعترض عليه بعض الأعلام (٦) دام توفيقه بقوله : إنّها حكايات معان بألفاظ دالّة على تلك المعاني في عرف المخاطب بهذا الكلام ، ولا يدلّ على كونها دالّة على تلك المعاني في العرف السابق ، وهذا واضح.
أقول : لو اقتصر في بيان هذا المدّعى بهذا المقدار من البيان لكان ورود هذا الاعتراض واضحا كما ذكره ، إذ الآيات الكريمة تدلّ على ثبوت تلك الماهيّات في تلك الشرائع ، لا على أنّها كانت تسمّى بهذه الألفاظ ، كيف ولغات
__________________
(١) الشيخ محمد كاظم الخراسانيّ صاحب الكفاية طاب ثراه في الكفاية. ( مجد الدين )
(٢) البقرة : ١٨٣.
(٣) الحج : ٢٧.
(٤) مريم : ٣١.
(٥) كفاية الأصول : ٢١ ـ ٢٢.
(٦) وهذا البعض ، الشيخ عبد الكريم اليزدي. ( مجد الدين ) وانظر درر الفوائد ١ : ١٦ ـ ١٧.