الكبير ، فإنه وإن اشتمل على حروفه الأصلية لكنه لا يشتمل على ترتيبه ».
ثم قال رحمه الله : « ولا بدّ في الاشتقاق من تغيير في اللفظ تحقيقا للأصلية والفرعية ، والأخصر أن يقال : ليتحقق الأخذ ، وهو أعم من الحقيقي والحكمي ، فيدخل نحو ( فلك ) مفردا وجمعا » (١).
هذا ، وبيان المهمّ من مسائل هذا البحث يتم برسم أمور :
الأول : قد عرفت أنه لا بدّ في الاشتقاق من مبدأ وأصل ، وذلك المبدأ لا بدّ أن يكون كالطبيعة السارية في الأفراد موجودا بتمامه في تمام المشتقات ، ويكون تمايز أفراده بتمايز تشخّصاته الخارجة عنه ، ويكون مع كلّ فرد متلبّسا بصورته ، متشخصا بتشخصاته من غير أن يكون له تشخصا وصورة ، بل يكون قائما بحقيقة ووحدته النوعية أو الجنسية ، وإلاّ فلا يكون مبدأ ، بل يكون فردا كسائر الأفراد ، فالمصدر الّذي يقال إنّه المبدأ ليس موجودا في جميع المشتقات بما هو هو ، فلا يمكن أن يكون مبدأ لجميعها ، لا بحسب المعنى ، ولا بحسب اللفظ.
أما الأول ، فلأنّ المبدأ لا بدّ أن يكون معرّى عن الهيئة في مرحلة ذاته لكي يكون قابلا لأن تعتريه أيّ هيئة أريد اشتقاقها منه ، فهو كالهيولى التي لا صورة لها في حدّ ذاتها وإن احتاجت إليها في مرحلة فعليّتها ، أو كالقسم الّذي لا يمكن أن تكون له خصوصية في قبال سائر الأقسام ، وإلاّ كان قسما ، لا مقسما كالكلمة ، فإنها بذاتها ليست مشخّصة بتشخص أحد أقسامها الثلاثة ، وإلاّ كان أحدها ، ولا يتشخّص آخر في قبالها وإلاّ كان قسما رابعا لا مقسما ، بل هي في مرحلة ذاتها عريّة عن جميع الصور ، وتظهر مع كلّ من الاسم والفعل والحرف بصورته المختصة به.
إذا تقرّر ذلك ، نقول : إنّ المصدر له خصوصية زائدة على الذات كسائر
__________________
(١) الفصول الغروية : ٥٨ و ٥٩.