الجملة ممّا لا شك فيه ، ولهذا ادّعي (١) على وجوبها الإجماع حتى من منكري وجوب المقدّمة.
وقد يقال بوجوبها نفسا ، لأنها عين الكلّ وليس ذوها مغايرا للوجود معها ، حتى يترشّح وجوبه عليها.
وقد يقال بهما (٢) معا نظرا إلى تغاير الاعتبار ، فباعتبار أنّها عين الكلّ يكون وجوبها نفسيّا ، وباعتبار أنه يحصل منها الكلّ يكون غيريّا.
وقد يقال بوجوبها غيريّا محضا كسائر المقدّمات ، وهذا مذهب السيد الأستاذ ـ طاب ثراه ـ وبيانه :
انّ الطلب يتعلّق بالوجود الذهني باعتبار حكايته عن الخارج ، فالضرب ـ ( زيد ) ما لم يوجد في الذهن لا يعقل الأمر به ، ويأتي تفصيل هذا الإجمال في مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي ، فينبغي تسليمه هنا على نحو الأصول الموضوعة حتى ننبّه عليه في محلّه.
وبعده نقول : إنّ الآمر إمّا أن يلاحظ الأجزاء الموجودة في ذهنه ، مستقلّة في أنفسها ، غير مرتبط بعضها ببعض ، كالعام الأفرادي ، وإمّا أن يلاحظها على هيئتها الاجتماعية متصوّرة بصورة وحدتها الكليّة.
فعلى الأول لا بدّ أن ينحلّ الأمر إلى إرادات متعدّدة ، إذ لا يعقل وحدة العرض مع تعدّد المعروض.
وعلى الثاني لا بدّ أن يكون الملحوظ بهذا الاعتبار أمرا واحدا بسيطا ، ولا يعقل أن يشير في هذا اللحاظ إلى أمور متعدّدة ، فالأجزاء في هذا الحال ليست موجودة بوجوداتها الشخصية ، بل موجودة تبعا للكلّ ، مندكّة فيه ، نظير وجود
__________________
(١) الظاهر أنّ مدّعي الإجماع سلطان العلماء. ( مجد الدين ).
(٢) أي بالنفسي والغيري معا. ( مجد الدين ).