المطلق في ذهن من لاحظ المقيّد ، وكوجود المبدأ في ضمن المشتق ، فلا وجود للأجزاء بوجوداتها الشخصيّة حتى يتعلّق الأمر بها ، ولا وجود إلاّ للكلّ ، ولا وجوب للكلّ إلاّ الوجوب النفسيّ ، كما لا وجود للكلّ في القسم الأول.
نعم لا بدّ للآمر من ملاحظة الأجزاء أوّلا بوجوداتها الاستقلالية مقدمة ، وينظر إلى احتياج الكلّ إليها ، ويرى توقف ذلك الواحد البسيط على كل واحد واحد منها.
وهذا مراد الشيخ الأعظم (١) ـ طاب ثراه ـ من أنّ الجزء إذا لوحظ لا بشرط فهو عين الكلّ ، وإذا لوحظ بشرط لا فهو غيره ، ومقدمة لوجوده (٢).
والمراد من قوله : لا بشرط. هو وجوده الاندكاكي المتحد مع الكلّ ، ومن قوله : بشرط لا. وجوده الاستقلالي المباين مع الكل الّذي لا يقبل الاتحاد معه ومن أورد (٣) على الشيخ بأنّ لازم ذلك وجوب الجزء بوجوبين ، ثم ردّه بعدم جواز اجتماع المثلين بينه وبين مراد الشيخ مراحل كثيرة ، وشوط بعيد.
وحاصل الكلام إنّ الأجزاء ما دامت أجزاء فهي واجبة بالوجوب الغيري كسائر المقدمات الخارجية ، بل هي قسم منها لا قسيم لها ، وفي غير تلك الحال لا وجود لها حتى تتصف بالوجوب أصلا ، وبعبارة أخرى : الكلّية والجزئيّة لحاظان لا يجتمعان ، فلا أجزاء مع الكلّ ، ولا كلّ مع الأجزاء.
وأما المقدّمة الخارجيّة ، فقد قسّموها تارة باعتبار العلّة التامة وأجزائها إلى
__________________
(١) اعلم أن المراد من الشيخ الأعظم في هذا الكتاب هو الشيخ الجليل والعالم النبيل ، أستاذ المتأخرين وخاتم المجتهدين الشيخ المرتضى بن محمد أمين التستري الدزفولي الأنصاري صاحب كتاب المشتهر بالرسائل عند أهل العراق ، والفرائد عند الأعاجم ، وكتاب المعروف بالمكاسب عند أهل العراق ، والمتاجر عند الأعاجم ، المتوفى في أواخر جمادى الآخرة من سنة ١٢٨١ هجرية قمريّة ، وعمره الشريف سبع وستين سنة. ( مجد الدين ).
(٢) مطارح الأنظار : ٤٠.
(٣) الظاهر أن المورد الشيخ محمد كاظم الخراسانيّ صاحب الكفاية. ( مجد الدين ).