السبب ، والشرط ، والمقتضي ، والمعدّ ، وأطالوا الكلام في حدّ كلّ منها ، وبيان ما يرد على كل حدّ عكسا وطردا.
وجميع ذلك غير مهمّ في المقام ، ضرورة أنّ الملازمة العقلية بين الأمر بالشيء وبين الأمر بما لا يتم إلاّ به إن تمّت فإنها تعمّ جميع ما يتوقف عليه ، سمّي شرطا أو سببا ، معدّا أو مقتضيا ، أو لم يسمّ بأحد هذه الأسماء أصلا ، لأنّ حكم العقل لا يقبل التخصيص.
وما نسب إلى السيد (١) ـ قدس سره ـ من التفصيل بين السبب وغيره (٢) ، فما هو إلاّ الغفلة الواضحة عن حقيقة مرامه ، كما بيّن ذلك في الكتب المفصّلة ، وسائر التفاصيل المذكورة فهو إمّا مثل ذلك في الغفلة عن مراد القائل به ، أو هو واضح الفساد.
ومنها تقسيمها إلى مقدّمة الوجود ، ومقدّمة الوجوب ، ومقدّمة الصحّة ، ومقدّمة العلم.
ولا شك في دخول الأولى في محلّ النزاع ، وخروج الثانية ، ورجوع الثالثة إلى الأولى ، كما يظهر بأدنى تأمّل.
وأما الأخيرة (٣) فلا شك في وجوبها ، ولكن لا الوجوب المقدّمي المتنازع فيه ، بل لقاعدة عقلية أخرى ، وهي قاعدة أنّ الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية ، فمتى علم الاشتغال بواجب لزم بحكم العقل تحصيل اليقين بامتثاله ، قلنا بوجوب مقدّمة الواجب أم لا.
__________________
(١) السيد المرتضى أخو السيّد الرضي المتوفى في آخر ربيع الأوّل من سنة ست وثلاثين وأربعمائة الهجريّة. ( مجد الدين ).
(٢) الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ٨٣.
(٣) وذهب في الفصول إلى أن مرجع مقدمة العلم عند التحقيق إلى مقدمة الوجود حيث يتوقف حصول العلم بالواجب عليها فبناء على ما ذكره رحمه الله ترجع مقدمة العلم ومقدّمة الصحة إلى مقدمة الوجود ، ولم يبق فرق بينهما من هذه الجهة. ( مجد الدين )