لغير المنوب عنه إذا اطّلع على فعل النائب ، ورضي به ، وحصل له الممنونية.
وأمّا المزيّة المتقدّمة بين العبدين ، فعلى فرض تسليمه فالشأن في تطبيق هذا الوجدان على البرهان ، ومعرفة الوجه في حصول القرب بلا مباشرة أو تسبيب.
وأما الوجه الأخير فهو بظاهره كلام شعريّ ، ولم أفهم له معنى معقولا ، فتأمّل فيه ، فعسى أن يظهر لك ما خفي عليّ منه.
والّذي أرى فيه الحلّ لهذا الإعضال (١) ، والشفاء من هذا الداء العضال (٢) ، هو الالتزام بعدم حصول القرب للمنوب عنه بالمعنى الّذي حاول السيد الأستاذ إثباته ، والقول مع ذلك بصحّة العبادة ، وانتفاع المنوب عنه بها.
وبيانه : أنّ الأغراض الداعية إلى الأمر منها : ما يكون مقيّدا بجميع مراتبه بالمباشرة ، فلا يحصل شيء منها للمكلّف إلاّ بها ، وذلك كشرب الدواء ونحوه.
ومنها : ما لا يتوقف عليها بشيء من مراتبه أصلا ، كإنقاذ الغريق مثلا.
ومنها : ما يتوقف عليها ببعض مراتبه لا جميعها كاستقبال القادم من السفر ، ومشايعة العازم عليه ، إذ في إرسال من ينوب عن الإنسان فيهما درك للمصلحة التي هي إكرام المسافر مثلا وإن كانت المصلحة في المباشرة أتمّ وأكمل.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ الغرض في الفعل إن كان من قبيل الأول فلا تعقل النيابة فيه أصلا ، وذلك الظاهر.
ويشترك الأخيران في جواز النيابة معا ، ويفترقان في أنّ اللازم في الثاني جوازها مطلقا ، بل التخيير بين المباشرة والنيابة من أول الأمر ، ووجوب النيابة
__________________
(١) الإعضال مصدر من باب الأفعال ، ومعناها الإشكال. ( مجد الدين ).
(٢) العضال كغلام ، داء لا دواء له. ( مجد الدين ).