بصور أوامر عديدة ليس إلاّ أمرا بشيء واحد هو الشراء ، فليس في الذهن إذن إلاّ طلب واحد ، إن لوحظ نسبته إلى ذات الشيء كان طلبا لنفسه ، أو إلى مقدّماته كان طلبا لغيره ، وسيأتي توضيحه ، ولا أخالك تحتاج إلى زيادة توضيح بعد هذا البيان في بحث مقدمة الموصلة.
ومن العجب أنّ هذا المقرّر قد ذكر في بيان الدليل على وجوب المقدمة ، ما فيه جنوح (١) إلى هذا الوجه الّذي زيّفه ، بل قول به على أظهر الوجوه في كلامه.
هذا ، وأما ما أورد عليه من أنّ الطلب الواحد لا يتعلّق بمطلوبين ، إلى آخره. ففيه أنه ليس من الباب الّذي توهّمه ، بل هو من باب نسبة الشيء الواحد إلى شيئين ، والاختلاف فيه بحسب اختلاف طرف النسبة ، وهذا أمر غير عزيز (٢) ، فمن ضرب عمراً بأمر زيد ، فهناك فعل واحد نسب إلى الفاعل مباشرة ، وإلى زيد تسبّبا ، ومثله ما لو قيل : احترام الملك في احترام خادمه ، فما هو إلاّ احترام واحد نسب إلى الخادم ، ويكون احتراما له بالحمل الشائع ، ولكنه تبعي ناشئ عن إرادة احترام الملك.
وأمّا الاحتمال الثالث (٣) ، فبيانها : أنّ التكليف لا بدّ أن يتعلّق بالمقدور ، وليس المقدور إلاّ المقدّمة.
وما يقال : إنّ المقدور بالواسطة مقدور ، فهو أحجيّة (٤) ، معناها أنّ الواسطة مقدورة ، فلا بدّ أن يتعلّق الوجوب النفسيّ ابتداء بأوّل مقدمة ممكنة للواجب ،
__________________
(١) الجنوح كركوع ، الميل. وجنح الشيء أي مال. ( مجد الدين ).
(٢) أي غير قليل. ( مجد الدين ).
(٣) وبهذا الاحتمال قال صاحب تشريح الأصول. ( مجد الدين ).
(٤) الأحجية بضم الهمزة ، وسكون الحاء مهملة ، وكسر الجيم معجمة ، وفتح الياء مشدّدة ، ومعناها اللغز. ( مجد الدين ).