ثم أجاب عنه بأنّ الحال في الأجزاء ليس بأوضح منها في المقدمات والتزم بسقوط الأمر المتعلّق بكلّ جزء بعد الإتيان به (١) ، وبيّنه بما يقرب من بيان الشيخ الأعظم في مسألة استصحاب الصحّة من أن الجزء باق على وجوبه لأنّ ما وقع على صفة يمتنع زوالها عنه ، وبطلانه لفقد شرط آخر كالموالاة ، أو لمانع كالحدث لا يوجب فساد الجزء المأتي به (٢) ، وليس هنا محل بيان هذا البحث ، وتعرفه إن شاء الله في مسألة الاستصحاب.
ويكفي هناك (٣) أن نقول : إنّ صحّة الجزء إذا لم يلحقه سائر الأجزاء صحّة تأهّلية ، بمعنى أنه لو انضمّت إليه لكان محصّلا للغرض ، وأنا الضمين بأنّ الصحّة بهذا المعنى لا ينكرها القائل بالموصلة ، ومثل هذا التأهّل يمكن فرضه في نفس مفهوم المقدّمة ، فيقال : لو لا الجبل العظيم في الطريق لكان السير فيه مقدّمة للوصول إلى ميقات الحج ، ولو لا هزال هذه الناقة لكان السير عليها مقدّمة للوصول إليه ، ولقد تشيع شطر هذا الرّجل.
والحمد لله على أمرين : براءة صاحب الفصول ممّا احتمله أوّلا في كلامه من كون الإيصال شرطا لوجود المقدّمة أو في وجوبها ، ومن اعترافه بكون الوجوب شأنيّا لا فعليّا.
وفذلكة المقام أنّ بهذا الجمع الّذي عرّفناك تحلّ هذه المعضلة ، وتكون النتيجة هو القول بخصوص الموصلة.
ويظهر مراد السيد الأستاذ من قوله : إنّ المقدّمة واجبة في لحاظ الإيصال لا بقيد الإيصال ، وتبيين جليّة الحال فيما نقله المقرّر عن الشيخ (٤) ، من أن القول
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٧٦.
(٢) فرائد الأصول : ٣٨٩ و ٣٩٠.
(٣) أي في مسألة الاستصحاب. ( مجد الدين )
(٤) الشيخ مرتضى الأنصاري. ( مجد الدين ).