لاختصاص جواز المقدّمة بها وهو محال ، فإنه يكون من طلب الحاصل المحال » (١).
أقول : استدلال صاحب الفصول مبني على جواز تصريح الآمر بعدم إرادة غير الموصلة من المقدمات ، لا على المنع منها ، فكأنّ هذا الكلام جملة مستقلة عنه ، وجواب عن اعتراض مقدّر ، وأيّا كان فهو حقّ (٢) ، ولا بدّ لك من تسليمه بعد ما مرّ عليك من أمثلة ذلك في طيّ الحكومة بين الفريقين.
ثم نقول : إنّ المنع عن غير الموصلة منها إن كان لجهة خارجية كما في الفرد المحرّم من المقدّمات فهو خارج عن محلّ البحث قطعا ، وقد أشار إليه فيما تركنا نقله من كلامه.
وإن كان لعدم الإيصال يرد عليه جميع ما أورده على التقييد بالموصلة ، من وجود ملاك الوجوب في مطلق المقدّمة ، فكيف يجوز له المنع مع اتّحاد المناط.
وأيضا إن كان تقييد وجوب المقدّمة بالإيصال ممتنعا لتأخره رتبة ، ولم يعقل تنويع المقدّمة به ـ كما هو الحقّ ، وقد مرّ بيانه ـ فكذلك تقييد الحرام بغير الموصلة ، وإن جاز تقييد الحرام بغير الموصل فليجز تقييد الواجب بالموصل.
هذا ، على أنّ المنع عن جميع المقدّمات إلاّ الموصلة عبارة ثانية عن تقييد الواجب بالموصلة ، إذ لا فرق بحسب الواقع بين قوله : يجب الإتيان بخصوص الموصلة ، وبين قوله : لا تأت بغيرها.
وبالجملة تسليم هذا المنع تسليم للقول بالموصلة ، وذهاب إليه من طريق بعيد ، وتعبير عنه بما يشبه الأحجية والإلغاز.
وأما ما قرره في آخر كلامه من لزوم اختصاص الإيجاب بصورة الإتيان به ، وانتهائه إلى طلب الحاصل ، ففيه أنّ القائل بوجوب خصوص الموصلة لا يرى الإيجاب مختصا بهذه الصورة ، بل يرى ذلك بديهيّ الفساد ـ كما مرّ ـ وإنما
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٢٠.
(٢) أي جواز تصريح الآمر على المنع من المقدّمات الباقية. ( مجد الدين ).