تقديم الأوليين لقولهم عليهم السلام : « إذا زالت الشمس دخل الوقتان ـ أو وقت الصلاتين ـ إلاّ أنّ هذه قبل هذه » (١) إلى آخره.
وهذا قد يكون على نحو الشرطيّة إمّا مطلقا أو في خصوص حال التذكّر كما في الصلاتين ، وقد يكون عنوان التقدّم واجبا نفسيّا ، بمعنى أنّ في التقدّم مصلحة ملزمة ، وبتأخيره تفويت تلك المصلحة.
والظاهر أنّ مناسك الحج الّذي ذكرها نقضا من هذا القبيل ، ولكن أين جميع ذلك من دفع الشبهة العقلية؟ ومقابله حكم العقل بامتناع التكليف بما لا يطاق ، وتخصيصه الموسّع بما بعد زمان المضيّق ، لأنّ البعث إليهما معا نفسيّا بعث إلى المستحيل ، وطلب لغير المقدور ، ولا فرق في مناط حكم العقل بالامتناع بين طلب المحال في ساعة واحدة أو في جميع الساعات ، فلو فرض أنّ السيّد أمر هكذا ، فالعقل يحكم بالتخصيص المذكور كي لا يلزم المحذور.
ومن الطريف أنّ صاحبنا العلاّمة أدام الله أيامه حاول تصحيح ذلك ، فجعله مبنيّا على أمرين :
أحدهما : أن لا يكون التخيير بين الأزمنة شرعيّا.
وثانيهما : أن لا يقال باستلزام الأمر بالطبيعة السراية إلى الفرد ، وحاول بعد ذلك تصحيح ذلك مطلقا ، فقال :
« يمكن أن يقال : لا مانع من الأمر حتى على القول بالتخيير الشرعي أو على القول بسراية حكم الطبيعة إلى الأفراد ، لأنّ المانع من التكليف بما لا يطاق ليس إلاّ اللغوية ، وهي مسلّمة فيما إذا كان نفس الفعل غير مقدور كالطيران إلى السماء.
وإذا كان بنفسه مقدورا ـ كما في ما نحن فيه ، غاية الأمر يجب بحكم
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٧٦ ـ ٥ ، الفقيه ١ : ١٣٩ ـ ٦٤٧ ، التهذيب ٢ : ٢٦ ـ ٧٣ ، الاستبصار ١ : ٢٦٠ ـ ٩٣٤.