قلّما عاب أحد عليهما مقالة إلاّ ووقع فيها أو فيما هو أشدّ منها ، وقد سبق في هذا الكتاب شواهد على ذلك ويأتي إن شاء الله أمثالها.
وهذا المقام أحدها ، فإنّ صاحب الكفاية بعد ما أورد على الفصول بلزوم اتصاف فعل واحد بعنوان واحد بالوجوب والحرمة ، قال ما لفظه :
« ولا يرتفع غائلته باختلاف زمان التحريم والإيجاب قبل الدخول أو بعده مع اتّحاد زمان الفعل المتعلّق لهما وإنما المفيد اختلاف زمانه ولو مع اتّحاد زمانهما ، كما هو أوضح من أن يخفى » (١).
نعم لا يخفى على صاحب الفصول هذا الواضح ـ وهو أرفع مقاما من الجهل ـ بأنّ الفعل الواحد لا يمر عليه زمانان ، ولكن قد عرفت بما لا مزيد عليه إنه يقول بسقوط النهي وارتفاع الحرمة التشريعيّة عن الخروج ، وتمحّضه للوجوب إلاّ إجراء حكم النهي الساقط السابق بالمعنى السابق.
ولكن هلم إلى ما في حاشية هذا الأستاذ على مكاسب الشيخ الأعظم من الالتزام بأنّ المال في البيع الفضولي بعد صدور البيع وقبل الإجازة محكوم بكونه ملك من انتقل عنه واقعا ، وبعد الإجازة يكون محكوما بكونه ملكا في ذلك الزمان بعينه لمن انتقل إليه واقعا ، ولا منافاة بين الحكمين أصلا ، لتعدّد زمان الحكمين وإن اتّحد زمان المتعلّق.
فهب ـ رعاك الله ـ أنّ في كلام صاحب الفصول كانت علّة ـ وحاشاه منها ـ فنحن قد أزحناها بما لا مزيد عليه ، ولكن ما ذكره هذا الأستاذ ممّا يعجز نطاسيّ (٢) العلم عن إصلاحه ، وكيف يصلح وصريحه كون الملك الواحد في الزمان الواحد ـ الواقع بين العقد والإجازة ـ لمالكين مستقلّين.
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٧٢.
(٢) التنطّس : دقّة النّظر في الأمور واستقصاء علمها. مجمع البحرين ٤ : ١١١ ( نطس ).