كما كان يمثّل به السيّد الأستاذ ، فما الّذي يمنع الشارع من أمر الغاصب بالصلاة وتطبيق حركاته الخروجيّة على حركتها؟ إذ لا فرق بين التعبّديات والتوصليات إلاّ من جهة قصد القربة.
والداهية الدهياء قوله بعد اعتراضه الأول ما لفظه :
« وثانيا لا نعرف وجها لإفراد الصلاة المندوبة بالبحث بعد ما عرفت من أنّ المناط في الصحة والبطلان على النهي وعدمه ، فلو قلنا بأن زمن الخروج ممّا لا يتعلّق بالمكلّف نهي ، وليس أيضا زمن المعصية ، فالصلاة صحيحة سواء كانت واجبة أو مندوبة » (١) إلى آخره.
ومتابعة الأستاذ له في فوائده ، وقوله : « أمّا على القول بإجراء حكم المعصية عليه ، سواء قلنا بكونه مأمورا به أم لا ، فلا وجه للحكم بصحّة صلاة الفريضة في سعة الوقت ولا النافلة ـ إلى أن قال ـ فانقدح بذلك ما في الفصول من التردّد في صحّة النافلة المشعر بجزمه بالصحّة في الفريضة ، حيث إنه لا وجه له على ما ذهب إليه للصحّة في الفريضة ، ولو كان له وجه فلا يكاد أن يكون معه وجه للفرق بين النافلة والفريضة ، وهذه التفرقة إنما يتمّ إذا كان وجه الصحة إجماع أو دليل آخر » (٢).
لا أدري كيف خفي الوجه الواضح في تخصيص النافلة بالصحّة!؟ مع أنه في أعلى مدارج الوضوح ، وهو أنّ النافلة يختص بموجب الفتاوى والنصوص بجواز الإتيان بها راكبا وماشيا ، ولا يشترط فيها الاستقرار ، ولا القبلة ، ونحوهما ، فيمكن أن يؤتى بها في حال الخروج ، بخلاف الفريضة التي لا يمكن الإتيان بها حال الخروج إلاّ في ضيق الوقت ، الخارج عن محلّ الكلام.
ولقد زاد الأستاذ ضغثا على إبّالة ، وعجبا على عجب في قوله : مشعرا
__________________
(١) مطارح الأنظار : ١٥٧.
(٢) فوائد الأصول : ١٦٢ ـ ١٦٣.