فلا يكفي في جوابه مجرّد كفاية صدق القضيّة الشرطيّة لأن المستدلّ لم يستند إلى صرف اقتضاء الشرط التعدّد ، بل أتمّه بفهم العرف ، وأن الأسباب الشرعيّة كالأسباب العادية ، وإنكار كلا الأمرين خلاف الإنصاف.
ولا يفهم أحد من قول القائل : إن زرتني أكرمتك أو أتحفتك ، إلاّ تعدّد الجزاء بتكرّر الشرط ، ومثل هذا الظهور موجود في سائر القضايا الشرطية ، نحو : تجب الكفارة على من حلف كاذبا وحنث نذرا.
وبهذا يظهر أنّ ما ادّعاه الشيخ لا يتوقّف على سببيّة الشرط وإن جعلها مفروض كلامه ، لأنّ هذا الظهور حاصل ولو كان الشرط لمطلق الارتباط ، ومقتضاه حدوث الجزاء بحدوث كلّ فرد من أفراد الشرط.
وأما كون الأسباب الشرعيّة كسائر الأسباب فممّا لا يستطاع إنكاره لأنّ وظيفة الشارع بيان سببيّة الشرط ومانعيّته لا بيان مقتضياته ، وعليه الجري في سائر أبواب الفقه ، كما في كيفيّة التطهير والتنجيس وغيرهما.
هذا ، والمسألة ـ كما تعلم ـ ممّا طال فيه الكلام ، واتّسع في ميدانها المجال لجياد أفكار العلماء ، وملأت صفحات كثيرة من دفاتر الفقه وأصوله.
وأرى هذا الردّ من البيان كافيا إذا أضفت إليه ما مرّ بك في مسألة الاجتماع.
والمهمّ في هذا الباب معرفة المسبّبات ، وأنها من أيّ الأقسام ، وبعدها يسهل الصعب ويتّضح الطريق.
فإنّ من مواردها ما يعلم اختلاف حقائق مسبّباتها كصوم الكفّارة لإفطار الصوم والظهار والنذر وحنثه.
ومنها : ما يعلم اتّحادها كالحدث المسبّب عن النوم والبول.
وعدم التداخل في الأوّل واضح إلاّ أن يقوم ـ في بعض مواردها ـ الدليل على كفاية مسبّب واحد ، فيخرج حينئذ عن باب تداخل الأسباب ، ويكون من