إذا تجرّد عنها ، ويكون مشمولا لما ورد من أنّ « نية المؤمن خير من عمله » (١) إذا كان قصد الطاعة ، ولأخبار (٢) العفو إذا كان قصد المعصية ، إمّا مطلقا أو على أحد وجوه التفصيل المفصّلة في ( الرسالة ) (٣) وغيرها.
والشيخ الأستاذ بعد ما حكم على التجرّي بما حكمنا عليه ، جعل العقاب على القصد خاصة ، لظنّه أنّ العنوان الجامع بين التجرّي والمعصية لا يكون اختياريّا ، مصرّحا بأنّ من شرب الماء باعتقاد الخمرية لم يصدر منه ما قصده ، وما قصده لم يصدر منه.
ثم أورد على نفسه بأنه يلزم استحقاق العاصي أزيد من عقاب واحد ، بل عقوبات على نفس الفعل والاختياري من المقدّمات ، ولا استحقاق في معصية واحدة إلاّ عقوبة واحدة.
وأجاب عنه بأنّ تعدّد العقوبة يكون بتعدّد إظهار العصيان ، وليس في كل واحد من المعصية والتجرّي بمجرّد القصد أو مع العمل إلاّ إظهار واحد وان اختلف ما به الإظهار طولا وقصرا ، وقاسه بشرب قدح من الخمر ، بحيث يعدّ شربا واحدا ، مدّعيا أنّه كشرب جرعة منها (٤).
أقول : لا يخفى على المتأمّل عدم توقّف البيان الّذي اخترناه على كون الجامع بين التجرّي والمعصية اختياريا ، ومع الغضّ عنه فمن الواضح أنّ شرب المائع بعنوانه فعل اختياري قصده الشارب وقد وقع ما قصده ، ولهذا يترتب عليه آثاره ، فيفطر به الصوم ، ويبطل به الصلاة ، ويحنث به النذر ، وكذا في أمثال هذا المثال ، كمن قتل مؤمنا باعتقاد أنه زيد فبان أنه عمرو ، ونظر إلى أجنبية قاطعا
__________________
(١) أصول الكافي ٢ : ٦٩ ـ ٢.
(٢) انظر الكافي ٢ : ٣١٣ ، باب من يهمّ بالحسنة أو السيّئة.
(٣) انظر فرائد الأصول : ٧ ـ ٨.
(٤) حاشية فرائد الأصول : ١٣ و ١٥.