بأنها هند وظهر أنّها أختها.
وما تداول عند الفقهاء واستدلّ به ( ما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع ) فهو أجنبي عن المقام ، وله موارد لا ترتبط به أصلا ، وما كان مثل هذا يخفى على أستاذ مثله ، ولعلّ وراء ما فهمنا من كلامه أمر غفلنا عنه.
وحمل صاحبنا العلاّمة ـ أدام الله أيامه ـ هذا الكلام على محمل بعيد فقال ما بعضه بلفظه : « إنّ كلّ عنوان يكون ملتفتا إليه حال إيجاده ، وكان بحيث يقدر على تركه يصير اختياريا وإن لم يكن موردا للغرض الأصلي ، مثلا لو شرب الخمر ـ مع العلم بكونه خمرا ـ لا لأنه خمر ، بل لأنه مائع بارد ، يصح أن يعاقب عليه ، لأنه شرب الخمر اختيارا وإن لم يكن كونه خمرا داعيا له ، ومحرّكا له على الشرب لأنه يكفي في كون شرب الخمر اختياريا صلاحية كون الخمريّة رادعا له ، وكونه قادرا على تركه.
ونظير هذا محقّق فيما نحن فيه بالنسبة إلى الجامع ، فإنّ من شرب مائعا باعتقاد أنه خمر يعلم بأنّ هذا مصداق لشرب المائع ويقدر على تركه ، فكيف يحكم بعدم كون شرب المائع اختياريا له؟! فإن خصّ العنوان الموجود اختيارا بما كان محطّا للإرادة الأصلية للفاعل ، فاللازم أن يحكم في المثال الّذي ذكرنا بعدم كون شرب الخمر اختياريا لعدم تعلّق الإرادة الأصلية بعنوان الخمر كما هو المفروض ، ولا أظنّ أحدا يلتزم به ، وإن اكتفى في كون العنوان اختياريا بمجرّد كونه معلوما وملتفتا إليه حين الإيجاد بحيث يصلح لأن يكون رادعا له ، فحكمه بعدم كون الجامع فيما نحن فيه ـ أعني شرب المائع ـ اختياريا لا وجه له » (١) انتهى.
ولا أرى في كلام الأستاذ عينا ولا أثرا لما حمله عليه ، وأين قوله : ما وقع لم
__________________
(١) درر الفوائد ٢ : ١٢ ـ ١٣.