الطلب بصلاة الجمعة بما هي صلاة بلا مزاحم ، وتكون على ما هي عليه من الصلاح والمحبوبيّة ، وبعد تعلّق الأمر بها يحدث عنوان كونها مشكوكة الحكم ، فلا الحكم الظاهري يزاحم الحكم الواقعي ، لحدوثه بعده ولا هو بمزاحم له ، لأنه لم يكن متعقّلا في رتبته ولا ملحوظا معه.
وما أورده على الترتب بمعنييه ، فقد مرّ الجواب عما يخصّ الترتّب بين الضدّين في مسألة الضدّ ، ويظهر الجواب عن الترتّب المبحوث عنه في المقام بما قدّمناه في المقدّمات.
ونزيدك إيضاحا ونقول : إنّ موضوع الحكم الواقعي هو الذات بلا لحاظ الحكم ، إذ لا يعقل لحاظه معها ، لتأخّره عنها طبعا ، وموضوع الحكم الظاهري الذات مع لحاظ كونها مشكوك الحكم ، ومن الواضح عدم إمكان الجمع بين لحاظ الشيء مجرّدا عن الحكم ، وبين لحاظه معه.
ولو شئت قلت : الذات حال كونها موضوعا للحكم الواقعي ليست مقسما لمشكوك الحكم ومعلومه ، وحال كونها موضوعا للحكم الظاهري يكون مقسما لهما ، ولا يعقل تصوّر الشيء في لحاظ واحد على أن يكون منقسما إلى قسمين ، وعلى أن لا يكون منقسما إليهما.
هذا وفيما ذكرنا هنا وهناك كفاية في تصحيح الترتب بقسميه ، وما ذكره ـ طاب ثراه ـ من أنه بسط الكلام في الترتب في حاشية البراءة (١) فليس في النسخ المطبوعة الحاضرة عندي منها كلام فيه سوى الإحالة على ما ذكره هنا.
عاد كلامه : « وأما التزاحم في جهات الحسن والقبح فلا يتفاوت فيه بين كونها في عرض واحد أو كون ما فيه إحداهما من العنوان طارئا على ما فيه الأخرى من العنوان ، ففيما يعرضه كالكذب الطارئ عليه الإنجاء ـ مثلا ـ يمنعه
__________________
(١) حاشية فرائد الأصول : ٣٥.