يأخذه في عنوان مختاره ، ولم يعتبره شرطا فيه » (١) انتهى ، فتأمّل فيه فإنّ فيه عجائب.
وبالجملة ، ففي معنى الاحتياط في الطريق خفاء ، وفي تقريره اختلاف ، كما مرّ ، ومن أجله تولّدت اعتراضات جديدة على كلام الفصول ، واستيفاء القول فيه يقف على حدّ الإطالة بالقلم ، ولا يستفيد الناظر فيه سوى السأم ، وفيما نذكره إن شاء الله في تفسير قوله : « ومرجع القطعين عند التحقيق إلى أمر واحد » ما يستأصل الشافه ، ويأتي على جميع ما لفّقوه.
عاد كلامه : « وخامسا : سلّمنا العلم الإجمالي بوجود الطريق المجعول ، وعدم المتيقّن ، وعدم وجوب الاحتياط ، لكن نقول : إنّ ذلك لا يوجب تعيين العمل بالظنّ في مسألة تعيين الطريق فقط ، بل هو مجوّز له ، كما يجوز العمل بالظنّ في المسألة الفرعية ».
« وذلك لأنّ الطريق المعلوم نصبه إجمالا إن كان منصوبا حتى حال انفتاح باب العلم ، فيكون هو في عرض الواقع مبرئا للذمة بشرط العلم به كالواقع المعلوم مثلا إذا فرضنا حجّية الخبر مع الانفتاح تخيّر المكلّف بين امتثال ما علم كونه حكما واقعيّا بتحصيل العلم به ، وبين امتثال مؤدّى الطريق المجعول الّذي علم جعله بمنزلة الواقع ، فكلّ من الواقع ومؤدّى الطريق مبرئ مع العلم به ، فإذا انسدّ باب العلم التفصيليّ بأحدهما تعيّن الآخر ، وإذا انسدّ باب العلم التفصيليّ بهما تعيّن العمل فيهما بالظنّ ، فلا فرق بين الظنّ بالواقع والظنّ بمؤدّى الطريق في كون كل واحد امتثالا ظنيّا ».
« وإن كان ذلك الطريق منصوبا عند انسداد باب العلم بالواقع ، فنقول : إنّ تقديمه حينئذ على العمل بالظنّ إنما هو مع العلم به وتميّزه عن غيره ، إذ
__________________
(١) بحر الفوائد ١ : ٢٠٩.