الأدلّة عنده بالوصف المذكور ، إلاّ أنّه لا يوافقه بعض كلماتهم ».
« وأن يقال بحجّية طرق خاصة وظنّيات مخصوصة أفادت الظن بالواقع أو لم تفده ، وهذا هو التحقيق في المقام ، إذ ليست حجّية الأدلّة الشرعية منوطة بحصول الظن منها بالواقع ، وإنّما هي طرق مقرّرة لإفادة الواقع على نحو الطرق المقرّرة للموضوعات في إجراء الأحكام المقرّرة لها » (١).
وصريحه اعتبار الظن بالطريق حصل منه الظن بالواقع أم لا.
وعليه ينبغي أن يحمل ما يوهم خلافه من كلامه ، كقوله في أثناء تقرير الوجه الثامن : « فظهر أنّ الظن الخاصّ الّذي نقول بالعمل به ، وجعله الشارع طريقا إلى معرفة أحكامه هو الظن الحاصل من الرجوع إلى الكتاب والسنّة ولا نقول بحجية ظنّ سوى ذلك » (٢).
الرابع : الظن الخاصّ عند القائل به حجّة شرعيّة تنجّز الأحكام إذا صادف الواقع ، وتكون عذرا إذا أخطأ به ، ويجري الأصول العملية عند فقدانه ، تقيّد به المطلقات ، ويخصّص به العمومات ، ويبيّن به المتشابهات.
وبالجملة ، هو حجّة قطعيّة ، يترتّب عليه حال الانسداد ما يترتّب على العلم ، وليس كالظن المطلق الّذي يحاول إثباته بذلك الدليل المركّب من مقدّمات تافهة ، لأنّ أقصى وسعه رفع وجوب الاحتياط الّذي يحكم به العقل في موارد الظن بعدم التكليف ، واكتفاء الشارع بالإطاعة الظنّية لا يرفع به الاحتياط في المشكوكات ، ولا يستطاع به تخصيص العمومات الثابتة بالظنون الخاصة ، ومخالفة سائر الظواهر الموجودة فيها ، كما فصّله الشيخ في بيان المقدّمة الثالثة (٣).
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٣٨٦.
(٢) هداية المسترشدين : ٤٠٠.
(٣) انظر : فرائد الأصول : ١١٨ وما بعدها.