فهو قول بالظن المخصوص » (١).
فاتّضح لدى المنصف أنّ صاحبي ( الهداية ) و ( الفصول ) يذهبان إلى ما عليه سائر الفرقة الحقّة من انحصار الحجّة في الكتاب والسنّة ، وأنّه يلزم الرجوع إليهما في معرفة الأحكام وإن لم يفيدا إلاّ الظنّ ، وهذا الظنّ قد ثبت حجيته عندهما بالدليل العقلي المفيد للقطع ، فلا ينتهي النوبة إلى الظن بالواقع أو بطريق غيرهما.
وبعبارة أخرى : المقدّمة الأولى من مقدّمات الدليل المشهور ممنوعة ، فلا محلّ له عندهما أصلا ، فهذا الدليل كالمتقدم عليه في عداد الأدلّة العقلية الدالّة على حجية الخبر بخصوصه ، فكان الأجدر بالشيخ أن يذكرهما معها ، كما صنعه بالوجه السادس من الوجوه الثمانية ، لا أن يجعله نتيجة دليل الظن المطلق ، وهو أعلم بما صنع.
الثالث : قد عرفت الاحتمالات الثلاثة بناء على الظن المطلق من اعتبار كلّ من الظن بالطريق أو الواقع فقط ، واعتبارهما معا ، وأنّ الشيخ ـ قدّس سرّه ـ اختار الثالث ، ونقل الثاني عن غير واحد من مشايخه المعاصرين ، ونسب الأول إلى صاحبي ( الهداية ) و ( الفصول ) وقد اتّضح لديك حال هذه النسبة ، وأنّ صريح الأول وظاهر الثاني على الأول هو التعميم ، فهو ـ إذن ـ مجرّد احتمال أو قول لا يعرف قائله.
وعليه ، فالظنّ المطلق مردّد أمره بين احتمالين ، وما نشأ تثليث الاحتمالات إلاّ من حمل كلام الإمامين على غير وجهه.
وأمّا على الظن الخاصّ فقد قال في ( الهداية ) : « يحتمل أن يقال بحجية الظنون الخاصة ليكون الحجّة نفس الظن الحاصل من الأدلّة فيناط حجّية
__________________
(١) رسالة حجية المظنة : ٢٧.