العلم بتفريغ الذّمّة عند المكلّف » (١) فإنّه أول اعتراض اعترضوه وكان بمنزلة الأصل الّذي تفرّعت منه سائر ما أوردوه.
فنقول : إنّه ـ قدّس سرّه ـ لم يرد به الترتيب بين تفريغ الذّمّة وأداء الواقع ، ولا أنّ مؤدّى الطريق أمر مستقل في قبال الواقع ، كما فهمه الشيخ (٢) ، فبنى عليه جميع اعتراضاته ، بل أراد أمرا واضحا لدى العقل مسلّما عند الكلّ ، وهو أنّ الّذي يحكم به العقل تحصيل فراغ الذّمّة عند الشارع وهو الحاصل بإتيان الواقع الأصلي والواقع الجعلي.
وبعبارة أخرى : تحصيل العلم بإتيان الواقع أو بمؤدّى الطريق من غير ترتيب بينهما بأن يكون اللازم أوّلا تحصيل العلم بالواقع الأوّلي ، وبعده بالواقع الجعلي ، بل المناط هو الجامع بينهما وهو تحصيل العلم بالفراغ عند الشارع كما عبّر عنه وبما يضارعه ، ولهذا أطال القول في جواز العمل بمؤدّيات الطرق مع التمكن من العلم بالواقع وبالعمل به ، كما أشار إليه الشيخ ، وقد صرّح بمراده هذا في مواضع : منها أثناء كلامه على دليل الانسداد المشهور ، فقال :
« الفراغ عند الشارع إمّا بإتيان الواقع أو ما هو بمنزلة الواقع » وذلك ظاهر من المقدّمة التي نقلها الشيخ ، حيث صرّح بعدم الفرق بين الوجهين وعدم الترتيب بينهما ، فلا حاجة إلى تتبّع سائر ما وقع في كلامه من هذا النمط وتكلّف نقله.
وجميع ما ذكره في المقدّمة وفي بيان هذا الوجه هو الّذي قرّره الشيخ بعينه ، وينبغي أن يعدّ أو في شرح لقوله أول العنوان : « وليس الواقع بما هو واقع مقصودا للمكلّف إلاّ من حيث كون تحقّقه مبرئا للذمّة ».
فهل ترى ـ رعاك الله ـ فرقا بين المقالين إلاّ تعبير صاحب ( الهداية ) بلفظ
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٣٩١.
(٢) انظر : فرائد الأصول : ١٣٦.