من أركان كلام الجدّ يهدّ به.
وكذا ما أتعب فيه نفسه المقدّسة من التطويل في بيان أنّ أداء كلّ من الواقعين الأصلي والجعلي لا يكون امتثالا إلاّ بالعلم ، وأنّ الإتيان بكلّ منهما في غير التعبّديات مسقط للأمرين من دون امتثال (١) ، ولا لما بيّنه من أنّ الإطاعة الظاهرية تتوقف على العلم بسلوك الطريق المجعول لا على مجرّد سلوكه ، وأنّ العلم بالفراغ المعتبر في الإطاعة لا يتحقق في شيء منهما إلاّ بعد العلم أو الظن القائم مقامه (٢).
ولا جعل نتيجة ذلك قوله : « فالحكم بأنّ الظن بسلوك الطريق المجعول يوجب الظن بفراغ الذّمّة بخلاف الظن بأداء الواقع ، فإنّه لا يوجب الظن بفراغ الذّمّة إلاّ إذا ثبتت حجية ذلك ... تحكّم صرف » (٣).
وأنت تعلم أنّ هذا العلاّمة لم يفرّق بين الظنّين بما قرّره الشيخ ليكون الفرق تحكّما صرفا ، بل فرّق بينهما بأنّ الظن بالطريق المخصوص ظنّ بالحجّة التي يدور عليها براءة الذّمّة ، وفعليّة الحكم دون الظن بالواقع الّذي ليس من الأمرين في شيء.
وليس في كلامه أثر من ابتناء مذهبه على ما ذكره ، بل صريحه ـ إن تأمّلته ـ الفرق بينهما بما عرفت من كون الظن بالطريق ظنا بالحجّة دون الواقع.
وبالجملة ، جميع ما ذكره ـ طاب ثراه ـ إلى قوله : « ولو عجز عنهما قام الظن بهما مقام العلم بحكم العقل » (٤) فهو حق لا نقابله إلاّ بالقبول.
وأمّا هذه الجملة فنقبلها أيضا ، بناء على مقدّمات الانسداد والقول بالظن
__________________
(١) فرائد الأصول : ١٣٦.
(٢) فرائد الأصول : ١٣٧.
(٣) فرائد الأصول : ١٣٧.
(٤) فرائد الأصول : ١٣٧.