توضيحها وكان هو الجزم وقبل الرمي برأس السهم ، ولكن لا ينبغي إغفاله هنا ، فلنعد القول فيه وإن أفضى إلى بعض التكرار.
وأول ما يلزمنا توضيح المدّعى ، فطالما نشأت الاعتراضات من الغفلة عنه وأورد عليه بما لا مساس له به.
فنقول : الّذي نذهب إليه حجية الظنون المخصوصة وما هي غير الحاصلة من الثقلين : الكتاب والسنّة ، ومع وجودها لا يجوز التمسك بغيرها ، وتتقدّم على الظن المطلق تقدّم الدليل العلمي عليه ، والأحكام الفعلية مقيّدة بمساعدة الظنون الحاصلة منهما عليها ، فلا علم بتكليف فعلي ، بل ولا تكليف فعلي خارج عنها ، وسند هذا المدّعى والدليل عليه قد مرّ في الشبهات وفي شرح كلام ( الفصول ).
وعليه ، فلا يبقى موقع للظن بالواقع أصلا ، فضلا عن عدم ترجيح الظن بالطريق عليه أو ترجيحه على الظن بالطريق ، وإنّما موقع ذلك دليل الانسداد على تقريره الّذي لم يؤخذ في مقدماته العلم بالطرق الشرعية ، ولا انحصارها في أمور مخصوصة يناط بها التكاليف الفعلية.
ولقد تفرّس صاحب ( الهداية ) أنّ هذا الاعتراض أول ما يتشدّق به المعترضون ، فجعله أول اعتراض أجاب عنه بعد ما أوضحه وأصلحه ، وأجاب عنه بإطناب وإسهاب ، ومن شاء الاطّلاع عليه بتفصيله فعليه بالأصل ، وإنّما نقتطف منه فقرات لنا فيها شواهد على ما قلناه.
« فإن قلت : إنّ الظن بأداء الواقع يستلزم الظن بتفريغ الذّمّة لو لا قيام الدليل على خلافه كالقياس إذ أداء المكلّف به واقعا يستلزم تفريغ الذّمّة بحسب الواقع قطعا ، لقضاء الأمر بالإجزاء ، والظنّ بالملزوم قاض بالظن باللازم ، فكلّ ما يفيد الظن بالواقع يفيد الظن بتفريغ الذّمّة في حكم الشرع إذ ليس مقصود الشارع حقيقة إلاّ الواقع » إلى أن قال :