في مقابل سلوك الطريق العقلي ، وأنّه قاس الطريق الشرعي بالطريق العقلي (١) ، فلنا أن نطالبه بالمحل الّذي استظهر هذا من كلامه ، وقد علمت أنّ العلم عنده عقلي شرعي ، وسمعت تصريحه به غير مرّة ، فأين القياس؟ وقد علمت أنّ القياس رأس مال منكري مقالته ، حيث قاسوا الظن بالعلم في كفايته مطلقا تعلّق بالواقع أم تعلّق بالطريق.
وما ذكره من أنّ الطريق الشرعي لا يتصف بالطريقية إلاّ بعد العلم تفصيلا (٢) ، فإن أراد به التخصيص بالعلم فهو واضح الضعف ، ومخالف لما صرّح به قبيل ذلك من قوله : « أما العلم بالفراغ المعتبر في الإطاعة فلا يتحقق في شيء منهما إلاّ بعد العلم أو الظن القائم مقامه » (٣) وإن أراد به غيره فهو حقّ.
ولكن المستدلّ يقول بقيام الظن مقامه بحكم العقل عند انسداد باب العلم ، ولا يقول بما جعله لغوا صرفا ، أعني مجرّد تطبيق العمل على الطريق مع قطع النّظر عن حكم الشارع.
ولا ينافي مذهبه كون سلوك الطريق المجعول في مقابل العمل بالواقع لا في مقابلة العلم بالعمل بالواقع لو سلّم وسلم من الانتقاد.
ولا يلزم من ذلك كون كلّ من العلم والظن المتعلّق بأحدهما في مقابل المتعلق بالآخر ، لأنّ الظن بالطريق الواقعي قطع بالحجّة الفعلية على حكم فعلي غالبا ، بخلاف الظن بالواقع ، فإنّه ظنّ لم يثبت حجيته بحكم لا يعلم فعليّته ، فليست بفاسدة دعوى هذا الإمام ، بل هو أصحّ من بيض النعام ، ويظهر الوجه في جميع ذلك مما تقدّم.
وأمّا ما ذكره في ختام اعتراضاته من إمكان منع جعل الشارع طريقا إلى
__________________
(١) فرائد الأصول : ١٣٧.
(٢) فرائد الأصول : ١٣٧.
(٣) فرائد الأصول : ١٣٧.