الأحكام (١) ، فقد سبق الكلام عليه مفصّلا عند شرح كلام ( الفصول ).
ولا يخفى أنّ ظاهر قوله هذا ابتناء هذا الدليل على العلم بنصب الطرق الشرعية وهو ينافي بظاهره ما سبق نقله عنه أول البحث من عدم ابتنائه عليه.
وقال في الحاشية : « لا يخفى أنّه لما لم يكن مبنى الاستدلال بهذا الوجه ـ مثل الوجه الأول ـ على دعوى العلم بالنصب على الإجمال ، بل يكفي فيه مجرّد الاحتمال كان مجرّد إمكان منع النصب غير مضرّ به أصلا » (٢).
والأمر كما قال ، بمعنى أنّ هذا الوجه يتمّ حتى مع عدم العلم بالنصب ، ولا تخل (٣) من ذلك أنّ المدّعى أعمّ من العلم به ومن عدمه ، لأنّ المقصود الّذي حاول إثباته بهذا الوجه وسائر الوجوه إثبات حجية الكتاب والسنّة ، وانحصار الطرق فيهما ، كما سبق مرارا ، وما كان أن يتحمّل هذا التعب والنصب على إثبات حجية أمر لا يتجاوز وجوده حدّ الاحتمال.
وللمتأخّرين عن الشيخ الأعظم اعتراضات كثيرة لو حاولنا نقلها بأجمعها لأصاب الناظر الملل ، ولكنّا نتحفك ببعضها ليكون نموذجا منها.
منها ، ما لا يزال يلهج به المعترضون من أنّ الحكم ببراءة الذّمّة من وظائف العقل لا الشرع.
والشيخ الأستاذ بعد ما أورد القياس الّذي ساقوه سياق البرهان ، أعني قياس حال الانسداد بحال الانفتاح في قيام كلّ من الظنّ بالواقع والطريق مقام العلم به ، أورد على نفسه بقوله :
« إن قلت : كيف والظن بالواقع ربما يجتمع مع الظن بالحكم بعدم الفراغ كما إذا ظنّ عدم اعتباره ، بل مع القطع به كما إذا قطع به ، وهذا بخلاف الظن
__________________
(١) فرائد الأصول : ١٣٧.
(٢) حاشية فرائد الأصول : ٩٠.
(٣) من خال يخال بمعنى : لا تظنّ.