وعلى هذا النّول (١) نسج غيرهما برود (٢) الاعتراض ، ولا حاجة بنا إلى نقل مقالهم.
ويا سبحان الله كيف جاز لهؤلاء الأعلام أن يعمدوا إلى كلام عميدهم الّذي بهدايته يهتدى في حالك الظلام ، فيحملوه على أمر واضح ضعفه ، بيّن فساده!؟.
أحسبوا أنّ على مثله يخفى أنّ الأمر بجميع أقسامه يقتضي الإجزاء عقلا ، بمعنى أنّ إتيان متعلّقه موجب لسقوطه بحكم العقل؟.
أبمثله يظنّ القول بأنّ المكلّف إذا أتى بالمأمور به بشروطه وشطوره لا يبرأ ذمته إلاّ بخطاب شرعي مؤذن بأنّي قد أبرأت ذمّتك؟.
وما الّذي عدل بهم عن الحق الأبلج الّذي أراده وأوضحه بضروب العبارات ، من أنّ الواجب بحكم العقل تحصيل العلم بالامتثال الحاصل بأحد أمرين : الإتيان بالواقع الأصلي أو الواجب الجعلي؟ وما الثاني لدى الحقيقة إلاّ سلوك الطريق الّذي يرضاه الشارع إليه ، ويعذره إن أخطأ الواقع ولا يعاقب عليه ، بل العلم أيضا طريق شرعي أيضا على ما سبق تصريحه به.
فمن الحيف عليه قول الأستاذ المتقدّم ذكره في جواب ما أورده على نفسه بما لفظه : « لعلّه لأجل أنّ العلم عنده طريق شرعي أيضا ، كما صرّح به فيما نقله عنه في الكتاب » ما نصّه : « لأنّا نقول : ـ مضافا إلى أنّه ما ادّعاه هاهنا ، ولا بنى عليه فيما صار بصدده في المقدّمة ، بل جعل العلم بمصادفة الأحكام الواقعية الأوّلية فيها مقابلا للعلم بأداء الأعمال على وجه أراده الشارع في الظاهر ، وحكم معه بتفريغ الذّمّة بملاحظة الطرق المقرّرة لمعرفتها ، وقد صرّح بكون العلم طريقا
__________________
(١) النول : الخشب الّذي يلفّ عليه الحائك الثوب. الصحاح ٥ : ١٨٣٦ ( نول ).
(٢) البرود جمع ، واحدها برد. وهو : ثوب مخطّط. القاموس المحيط ١ : ٢٨٦.