إلى الواقع بحكم العقل من غير توقف إلى بيان الشرع ـ إنّه قد عرفت أنّ حجيته وطريقيته إنّما تكون منتزعة عن كفايته في مقام الامتثال بحكم العقل بلا إشكال لا أنّ الكفاية به لأجل حجيّته وطريقيته شرعا » (١).
إذا كان يعترف بتصريح الجدّ بطريقية العلم شرعا ، فلا أراه ينضم منه سوى عدم تكراره هاهنا ، كأنّ التكرار كان ضربة لازب عليه ، وما حسبه منافيا لطريقية العلم عنده بجعله العلم بمصادفة الأحكام الواقعية للعلم بأدائه في الظاهر ، فليس المراد منه حيث يذهب ، وإنّما المراد ما تكرّر توضيحه من أول البحث إلى هذه النهاية ، من أنّ الواجب تحصيل العلم بأحد الأمرين من الواقع الأصلي والواقع الجعلي ، وهذا في غاية الوضوح لمن تأمّل جميع كلامه.
وأيضا تصريحه بعدم توقّف طريقية العلم على بيان الشرع لا ينافي طريقيته شرعا ، لأنه ـ طاب ثراه ـ نفى توقّف طريقيته عليه في مقابل غيره الّذي لا يكون طريقا إلاّ بجعل الشارع وبيانه ، ولم ينف إمضاء الشارع له ، وكونه عنده كما عند العقل ، وما هو ببدع من حكم العقل الّذي ارتضاه الشرع.
ومنه يعلم أنّ ما ذكره من أنّ الاكتفاء به في الامتثال ليس لأجل حجّيته شرعا لا إشكال فيه ، ولكنّه لا يتّجه إلاّ على من يرى توقّف حجية العلم على الجعل الشرعي ، وأهبط أهل العلم درجة أرفع مقاما من هذا الوهم.
ومن العجب أنّ من لا أسمّيه من علماء العصر بلا علامة ، زعم أنّ كلّ ما يزيد المنصف التأمل في هذا القول ولوازمه يزيد له التعجّب ممن صار إليه مع كونهم من أفاضل الأعلام.
هذا مع اعترافه بأنّه مشتبه المراد ، ولا أدري كيف جاز له المبادرة إلى الإيراد وهو باعترافه لم يعرف المراد!.
__________________
(١) حاشية فرائد الأصول : ٨٦.