ومنها : أنّ الوضع في عمومه وخصوصه يتبع التعهّد ، فيمكن عمومه في جميع الأزمان والحالات ، ولجميع الأشخاص ، كما هو الحال في سائر الألفاظ الموضوعة.
ويمكن أن يختص ببعض ذلك فيكون موضوعا لقوم دون آخرين ، وبزمان معيّن ، وإلى أجل مضروب ، وهذا وإن كان نادر الوقوع ، ولكنه بمكان من الإمكان.
ولعلّ منها : تسمية الأطفال بأسماء لا تناسب الكبار ، ومخاطبتهم بألفاظ لا تناسب إلاّ ألسنتهم وحالاتهم ، وهكذا الألفاظ التي لا يتفوّه بها إلاّ الأندال (١) ، ويأنف منها الأشراف.
بل قد يرجع عن التعهّد في استعمال خاص كما في المجاز عند أستاذنا المؤسّس (٢) لأساس التعهّد ـ سقى الله معهده ـ وإن كان لي فيه نظر ستعرف وجهه في بحث الاستعمال.
ومنها : أنه كما يمكن وضع اللفظ لمعنى واحد ، يمكن وضعه لمعان متعدّدة ، وجمل شتّى مختلفة غير مرتبطة من غير لحاظ التركيب ، كما لو قال : إني متى طلبت الماء ، وأردت الإخبار عن قيام عمرو ، ومجيء زيد ، والنهي عن الكلام ، أتكلّم بهذا اللفظ.
ولهذا الكلام مزيد توضيح وبيان سيأتي في خلال المباحث الآتية إن شاء الله تعالى.
ومنها : أنّ الوضع هو تعهّد الاستعمالات الآتية ، فلا معنى للوضع إذا لم يلحقه الاستعمال ، كما أنّ الاستعمال ـ كما سيأتي ـ هو الوفاء بالتعهّد ، أعني الوضع ، فلا وضع لو لا الاستعمال ، ولا استعمال لو لا الوضع.
__________________
(١) جمع نذيل : الخسيس من الناس والمحتقر في جميع أحواله. الصحاح ٥ : ١٨٢٨ ، القاموس المحيط ٤ : ٥٦ ، مجمع البحرين ٥ : ٤٨٠ ( نذل ).
(٢) صاحب تشريح الأصول. ( مجد الدين ).