فإذا كان الأمر في الوضع والحكم هكذا فليكن في الاستعمال كذلك ، فكما أنّ ملاحظة الجزئي حال الوضع لا ينافي تعدّد الموضوع له ، وملاحظة مفهوم العام واستعمال اللفظ فيه لا ينافي تعدّد الحكم ، كذلك لا ينافي ملاحظة مفهوم المسمّى تعدّد الاستعمال.
ومن هذا يظهر الجواب عمّا جعله بعض الأساتيذ عمدة مستنده في المنع وهي امتناع توجّه النّفس إلى شيئين في زمان واحد ، كما أنّ المبصرات الكثيرة لا تبصر بنظرة واحدة.
وقد عرفت أنّ جميع ذلك لو سلّم فهو لا ينافي تعدّد المستعمل فيه ، كما أنّ ملاحظة الجزئي حال الوضع لا ينافي تعدّد الموضوع له.
وإن أرادوا به استعمال اللفظ في المسمّى ، فيرد عليه :
أولا : أنّ الألفاظ إنما وضعت للمعاني بلحاظ ذواتها لا بلحاظ عناوين خارجة عنها كالمسمّى وغيره.
وأيضا الاستعمال في المسمّى لو سلّمنا صحّته فإنما يحسن فيما إذا كان الحكم متعلّقا بهذا العنوان ، كقولك : عبد الله خير من عبد المسيح. أي المسمّى بعبد الله خير من المسمّى بعبد المسيح لصدق التسمية في الأول ، وكذبها في الثاني ، وهذا نادر في موارد الاستعمال.
هذا ، على أنه قد مرّت عليك من الشواهد مالا يمكن فيه هذا التأويل ، كما نبّهناك عليه ، فراجع.
ثم إنّ للمانعين تشبّثات أخرى لا بأس بالإشارة إليها وإلى ما يرد عليها.
منها : ما ذكره العمّ ـ طاب ثراه ـ في الفصول ، وهو : « أن الّذي ثبت [ من الوضع ] (١) جواز استعمال اللفظ في معنى واحد ، وأما استعماله فيما زاد عليه فلم
__________________
(١) الزيادة من المصدر.