ولهذا يسبكان في الأعلام فلا يحتاجان إلى هذا التأويل البارد أعني التأويل بالمسمّى كما ذكره العم (١) ـ طاب ثراه ـ وتبعه فيه غيره ، فإنه تأويل ثقيل على السمع سمج لا يقبله الطبع ، وحسب المنصف ملاحظة نفسه حال الاستعمال إذ لا يرى المسمّى يخطر منه بالبال.
وأما استدلاله على التأويل المذكور بدخول اللام عليها حينئذ فليس ذلك لتأويل المسمّى ، بل الوجه فيه أنّ التعدّد ينافي المعرفة المحضة فيدخل اللام عليها كما يضاف في مثل هذا الحال ، كقوله :
علا زيدنا يوم |
|
النقا رأس زيدكم |
مع أنّ الظاهر عدم التزامهم بالتأويل المذكور فيه.
إذا عرفت ذلك ، نقول : هذا القائل إن أراد هذا المعنى فهو حقّ لا ينبغي أن يقابل إلاّ بالقبول ، إذ لا بدّ لبيان التعدّد من دالّ عليه من الأداتين أو غيرهما ممّا يفيد فائدتهما.
وإن أراد أنّهما يدلاّن على أحد المعنيين ومدخولهما على المعنى الآخر فهو واضح الفساد إذ هما حرفان ، وأين الحرف من إفادة معنى الاسم.
هذا ، على أنّ كلاّ من الحرف ومدخوله إن دلّ على أحدهما المعيّن ، والآخر على الآخر المعيّن فهو ترجيح بلا مرجّح ، وإن دلّ كلّ على أحدهما على وجه الترديد فهو باطل كما بيّنه العم (٢) رحمه الله في ردّ صاحب المفتاح (٣) ، فلاحظ كلامه إن شئت ، وتأمّل فيه.
__________________
(١) في الفصول الغروية [ : ٥٦ ]. ( مجد الدين ).
(٢) الفصول [ : ٥٣ ]. ( مجد الدين ).
(٣) وهو أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر محمد بن علي السكاكي المتوفى سنة ٦٢٦ ه صاحب مفتاح العلوم.