من الفتن التي حدثت بسبب التجسيم
في القرن الثاني انتقل ثقل التشبيه والتجسيم من الشام إلى بغداد ، وأرخ المؤرخون لفتن متعددة حدثت في بغداد ذكرنا بعضها في الفصل الخامس ، ونشير منها هنا إلى الفتنة التي ذكرها الذهبي في تاريخ الإسلام ج ٢٣ ص ٣٨٤ بسبب تفسير آية : عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ، قالت الحنابلة معناه أن يقعده على عرشه كما فسره مجاهد . وقال غيرهم : بل هي الشفاعة العظمى . وقد تقدم أن ابن خلدون يرى أن الفتن بين الحنابلة ومخالفيهم كانت أحد الأسباب في خراب بغداد .
ـ سير أعلام النبلاء ج ١٨ ص ٨٩
القاضي أبو يعلى الإمام العلامة ، شيخ الحنابلة ، القاضي أبو يعلى ، محمد بن الحسين ابن محمد بن خلف بن أحمد البغدادي ، الحنبلي ، ابن الفراء ، صاحب التعليقة الكبرى ، والتصانيف المفيدة في المذهب . ولد في أول سنة ثمانين وثلاث مئة . . . . أفتى ودرس ، وتخرج من الأصحاب ، وانتهت إليه الإمامة في الفقه ، وكان عالم العراق في زمانه ، مع معرفة بعلوم القرآن وتفسيره ، والنظر والأصول ، وكان أبوه من أعيان الحنفية ، ومن شهود الحضرة ، فمات ولأبي يعلى عشرة أعوام ، فلقنه مقرئه العبادات من مختصر الخرقي ، فلذ له الفقه ، وتحول إلى حلقة أبي عبد الله بن حامد ، شيخ الحنابلة ، فصحبه أعواماً ، وبرع في الفقه عنده ، وتصدر بأمره للإفادة سنة اثنتين وأربع مئة ، وأول سماعه من علي بن معروف في سنة ٣٨٥ .
وقد سمع بمكة ودمشق من عبد الرحمن بن أبي نصر ، وبحلب ، وجمع كتاب إبطال تأويل الصفات ، فقاموا عليه لما فيه من الواهي والموضوع ، فخرج إلى العلماء من القادر بالله المعتقد الذي جمعه ، وحمل إلى القادر كتاب إبطال التأويل ، فأعجبه ، وجرت أمور وفتن نسأل الله العافية ثم أصلح بين الفريقين الوزير علي بن المسلمة ، وقال في الملا : القرآن كلام الله ، وأخبار الصفات تمر كما جاءت . ثم ولي أبو يعلى القضاء بدار الخلافة والحريم ، مع قضاء حران حلوان . .