أما أهل البيت عليهمالسلام وشيعتهم فكان لهم موقف ثالث يمثل أصالة الدين الإلۤهي من آدم عليهالسلام إلى محمد صلىاللهعليهوآله في تنزيه الله تعالى وتحميده في آن واحد ، فنفوا عنه التشبيه والتجسيم والرؤية ، كما نفوا عنه الظلم والإجبار ، وأثبتوا فاعليته تعالى وهيمنته الشاملة على الوجود ، ومسؤولية الإنسان عن عمله ، كما سترى إن شاء الله تعالى .
وقد اشتبه الأمر على بعض الباحثين فتخيلوا أن موقف أهل البيت عليهمالسلام حل وسط بين الإتجاهين ، بينما هو مذهب ثالث أقدم من مذهبي الأشاعرة والمعتزلة ، وهو يختلف عنهما في أساسه وعدد من تفاصيله ، وإن أخذ منه الطرفان بعض الأسس والتفاصيل .
العامل الثالث : مضاهاة بعض المسلمين لليهود
كان الجدل بين المسلمين واليهود كثيراً في عهد النبي صلىاللهعليهوآله وفي صدر الإسلام ، ومن أبرز مسائله المفاضلة بين نبينا صلىاللهعليهوآله وبين النبي موسى عليهالسلام .
وقد حاول بعض المسلمين مضاهاة اليهود بمعارضة كل فضيلة يذكرونها لموسى عليهالسلام بإثبات فضيلة مقابلها لنبينا صلىاللهعليهوآله ، وكأن المسألة مغالبة بين نبيين ، وكأن أذهان البشر هي التي تزن فضائل الأنبياء وتعطي أحدهم درجة الأفضلية أو المساواة !
وقد عارض هؤلاء فضيلة تكليم الله تعالى لموسى عليهالسلام التي نص عليها القرآن ، باختراع حديث رؤية النبي صلىاللهعليهوآله لربه ، لكي يتم بذلك تقسيم الفضائل بين الأنبياء عليهمالسلام ، ويكون الترجيح لفضائل نبينا صلىاللهعليهوآله ، ولكن ادعاء هذه الفضيلة المستحيلة بنص القرآن جاء على حساب تنزيه الله تعالى ! وفيما يلي عدد من الأحاديث التي رووها في ذلك :
ـ روى النسائي في تفسيره ج ٢ ص ٣٤٨
عن ابن عباس : أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم ، والكلام لموسى ، والرؤية لمحمد ( ص ) .