أوقات غير متناهية ، كما هو مذهبهم من التعطيل والإفاضة في وقت ؟ مع كونه تعالى علة تامة غير محتاج إلى شرط أو آلة أو معاون أو حالة منتظرة ، وبالجملة ما به يتم فاعليته ؟ قالوا : لا يسئل عما يفعل ، والتزموا القدرة الخرافية .
ومنها ، أنهم حيث قالوا بالتحسين والتقبيح الشرعيين دون العقليين قالوا بنفي العلاقة اللزومية بين الأعمال الحسنة ودخول الجنة وبين الأعمال القبيحة ودخول النار ، بحيث جوزوا أن يدخل الله السعيد في النار خالداً والشقي في الجنة أبداً ، فإذا قيل عليهم إن هذا ظلم صريح ، قالوا : لا يسأل عما يفعل . . . . إلخ .
واحتج المعتزلة أيضاً بحجج عقلية ونقلية كثيرة ، نذكر بعضها ونترك أكثرها ، لأن من أنس بالقواعد العقلية وحافظ على تنزيه الله من سمات المحدثات وصفات الأجسام قدر على إقامة حجج كثيرة وإبطال ما هو ظاهر الأشاعرة من الرؤية .
فمنها ، أنه فيما عندنا من المبصرات يجب الرؤية عند تحقق شروط ثمانية ككون الحاسة سليمة وكون الشئ جايز الرؤية وكون الشئ مقابلاً أو في حكم المقابل وعدم كون المرئي في غاية القرب وغاية البعد وغاية اللطافة وغاية الصغر وأن لا يكون بين الرائي والمرئي حجاب ، إذ لو لم تجب الرؤية عند حصول الشرائط جاز أن يكون بحضرتنا جبال وأشخاص لا نراها ، والستة الأخيرة لا يمكن اعتبارها في رؤيته تعالى لتنزهه عن الجهة والحيز ، بقي سلامة الحاسة وجواز الرؤية ، وسلامة الحاسة حاصلة فلو جاز الرؤية وجب أن تراه في الدنيا والجنة دائماً ، والأول منتف بالضرورة والثاني بالإجماع والنصوص القاطعة الدالة على اشتغالهم بغير ذلك من اللذات .
تفسيرهم الموافق لمذهبنا
روى السيوطي في الدر المنثور ج ٣ ص ٣٧ عدداً من الروايات التي توافق مذهبنا ومذهب عائشة ، قال :
ـ وأخرج عبد ابن حميد وأبو الشيخ عن قتادة : لا تدركه الأبصار ، قال هو أجلُّ من ذلك وأعظم من أن تدركه الأبصار .