والجواب : أن الرواية واردةٌ أساساً في مقام بيان أفضلية موسى ، أو بالأقل عدم أفضلية نبينا عليه ، فهذا هو موضوع الخلاف بين المسلم واليهودي ، وهو موضوع الحديث ، وموضوع النهي المزعوم من النبي صلىاللهعليهوآله عن تفضيله على موسى ! !
وقد يقال : لو سلمنا أن الرواية تدل على مساواة موسى لنبينا صلىاللهعليهوآله أو أفضليته عليه ، فهي لا تدل على أن موسى هو الشفيع الأول .
والجواب : أن مقام الشفاعة الأول إنما أعطي لنبينا صلىاللهعليهوآله بسبب أنه أفضل الأنبياء صلوات الله عليهم جميعاً ، فإذا ثبت أن موسى أفضل منه ، فلا يبعد أن يكون هو رئيس المحشر وشفيعه . . الخ .
وقد حاولت بعض الروايات أن تحل المسألة مع الإسرائيليات حلاً سلمياً ، فتجعل الأفضلية لموسى ، وتحتفظ بدرجة الشفيع الأول لنبينا صلىاللهعليهوآله كالتي رواها الطبري في تفسيره ج ٢٤ ص ٢٠ قال : عن قتادة قال : ذكر لنا أن نبي الله قال : أتاني ملكٌ فقال يا محمد إختر نبياً ملكاً أو نبياً عبداً ، فأومأ اليَّ أن تواضع ، قال نبياً عبداً ، قال فأعطيت خصلتين : أن جعلت أول من تنشق عنه الأرض ، وأول شافع ، فأرفع رأسي فأجد موسى آخذاً بالعرش ، فالله أعلم أصُعِقَ بعد الصعقة الأولى ، أم لا . انتهى .
ولكنها على أي حالٍ محاولاتٌ في مصلحة تصديق الإسرائيليات التي لا نثق بها !
ومن جهة أخرى . . فإن تأويل الروايات الواردة في موسى على نبينا وآله وعليه السلام حتى لو أمكن فهو لا يحل المشكلة ، لأنه توجد في صحاح إخواننا ومصادرهم روايات مشابهة عن كبار أنبياء بني إسرائيل ، فهي تفضلهم على نبينا صلىاللهعليهوآله أو تجعلهم في درجته ، فلا بد من معالجتها جميعاً !
ويحاول العلماء السنيون حل المشكلة بالتأويلات والإحتمالات البعيدة ، حتى لا يقعوا في محذور رد الأحاديث الصحيحة أو تكذيب رواتها . . والدخول في هذا البحث يخرجنا عن موضوعنا ، وإن كان من بحوث السيرة المهمة ، لكن نكتفي بذكر نماذج من هذه الأحاديث :