طبيعي لفظ زيد بخصوصية ما من الصنف أو المثل ، كما أنّها في قولنا : الصلاة في المسجد حكمها كذا ، تدل على أنّ المراد من الصلاة ليس هو الطبيعة السارية إلى كل فرد ، بل خصوص حصّة منها.
وعلى الجملة : فلا فرق بين قولنا : الصلاة في المسجد أفضل من الصلاة في الدار ، وقولنا : زيد في ضرب زيد فاعل ، فكلمة ( في ) كما تدل في المثال الأوّل على أنّ المراد من الصلاة ما يقع منه في المسجد ، كذلك تدل في المثال الثاني على أنّ المراد من لفظ زيد ليس هو الطبيعة المطلقة ، بل حصّة خاصة منه من المثل أو الصنف.
ومن هنا يظهر لك ملاك القول بأنّ هذين القسمين ليسا من قبيل الاستعمال أيضاً ، لما مرّ من إمكان إيجاد اللفظ بنفسه وإحضاره في ذهن المخاطب بلا وساطة شيء ، فإذا تعلّق الغرض بتقييده بخصوصية ما يجعل الدال عليه الحرف أو ما يحذو حذوه ، مثلاً لو قال أحد : زيد في ضرب زيد فاعل ، فقد أوجد طبيعي لفظ زيد وأحضره بنفسه في ذهن المخاطب ، وقد دلّ على تقييده بخصوصية ما من المثل أو الصنف بكلمة ( في ) فأين هنا استعمال لفظ في مثله أو صنفه.
فالنتيجة أنّ شيئاً من الاطلاقات المتقدمة ليس من قبيل الاستعمال ، بل هو من قبيل إيجاد ما يمكن إرادة شخصه مرّة ، ونوعه اخرى ، وصنفه ثالثة ، ومثله رابعة.
ثمّ إنّه لا يخفى : أنّ ما ذكره المحقق صاحب الكفاية قدسسره في آخر كلامه في هذا المقام بقوله : وفيها ما لا يكاد يصح أن يراد منه ذلك ، ممّا كان الحكم في القضيّة لا يكاد يعم شخص اللفظ كما في مثل : ضرب فعل ماض ، غريب منه ، وذلك لأنّ الفعل الماضي أو غيره إنّما لا يقع مبتدأ إذا استعمل في معناه الموضوع له واريد منه ذلك لا مطلقاً حتّى فيما إذا لم يستعمل فيه ولم يرد