نعم ، استثنى قدسسره من ذلك القصر والاتمام ، فقال إنّهما في عرض واحد ، فلا بدّ من تصوير جامع بينهما ، ثمّ رتّب على ذلك بطلان ثمرة النزاع بين قول الأعمي وقول الصحيحي ، وهي جواز التمسك بالإطلاق على الأعمي ، وعدم جوازه على الصحيحي ، فانّه بناء على كون الصلاة مثلاً موضوعة لخصوص المرتبة العليا لم يجز التمسك بالاطلاق ولو فرض وجود مطلق في العبادات ، لعدم العلم بالتنزيل والمسامحة في مقام الاستعمال ، ومعه يصبح اللفظ مجملاً لا محالة.
ثمّ قال : إنّ الحال في سائر المركبات الاختراعية أيضاً كذلك ، يعني أنّ اللفظ فيها موضوع ابتداءً للمرتبة العليا ، واستعماله في بقية مراتبها من باب الادعاء وتنزيل الفاقد منزلة الواجد أو من جهة الاشتراك في الأثر (١).
ونتيجة ما أفاده قدسسره ترجع إلى امور :
الأوّل : أنّ الموضوع له هو المرتبة العليا على كلا القولين ، غاية الأمر الصحيحي يدعي صحّة الاستعمال في خصوص المراتب الصحيحة بين بقية المراتب ، والأعمي يدعي صحّته على الاطلاق.
الثاني : أنّه لا فرق في ذلك بين العبادات وغيرها من المركبات الاختراعية.
الثالث : أنّ الصحيحي والأعمي محتاج كل منهما إلى تصوير جامع بين صلاتي القصر والإتمام ، ليكون اللفظ موضوعاً بازاء ذلك الجامع.
الرابع : بطلان ثمرة النزاع بين القولين.
أمّا الأوّل : فيردّه أنّ إطلاق ألفاظ العبادات على جميع مراتبها الدانية والعالية بعرضهما العريض على نسق واحد من دون لحاظ عناية في شيء منها ، مثلاً إطلاق لفظ الصلاة على المرتبة العليا وهي صلاة المختار الواجدة لجميع الأجزاء
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٥٢ وما بعدها.