وعلى ضوء هذا يستبين فساد ما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره (١) من أنّه على الصحيحي لا مناص من الرجوع إلى قاعدة الاشتغال ، كما أنّه على الأعمي لا مناص من الرجوع إلى البراءة ، بتقريب أنّ تصوير الجامع على الصحيحي لا يمكن إلاّبتقييد المسمّى بعنوان بسيط خاص ، إمّا من ناحية علل الأحكام أو من ناحية معلولاتها ، وأنّ هذا العنوان خارج عن المأتي به ومأخوذ في المأمور به ، وعليه فالشك في اعتبار شيء جزءاً أو شرطاً لا محالة يوجب الشك في حصول العنوان المزبور ، فيرجع الشك حينئذ إلى الشك في المحصّل ، والمرجع فيه قاعدة الاشتغال دون البراءة.
والوجه في فساده : هو ما سبق من أنّ الجامع على القول بالصحيح على كل تقدير لا بدّ من أن ينطبق على الأجزاء والشرائط انطباق الكلي على فرده ، وعليه كان الشك في اعتبار جزء أو قيد في المأمور به من دوران المأمور به نفسه بين الأقل والأكثر ، فعلى القول بالانحلال كان المرجع فيه البراءة عن وجوب الأكثر ، فنتيجة ذلك هي أنّ المأمور به بتمام أجزائه وشرائطه هو الأقل دون الأكثر ، وقد عرفت أنّ القول بالاشتغال مبني على أن يكون المأمور به عنواناً بسيطاً مسبباً عن الأجزاء والشرائط الخارجيتين ومتحصلاً منهما ، وهو خلاف المفروض.
وأمّا ما ذكره قدسسره من أنّه على الصحيحي لا بدّ من تقييد المسمّى بعنوان بسيط ، إمّا من ناحية العلل أو من ناحية المعلولات ، فيردّه : أنّه خلط بين الصحّة الفعلية التي تنتزع عن انطباق المأمور به على المأتي به في الخارج ، والصحّة بمعنى التمامية ، فالحاجة إلى التقييد إنّما تكون فيما إذا كان النزاع بين الصحيحي والأعمي في أخذ الصحّة الفعلية في المسمّى وعدم أخذها فيه ، فانّه
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٦٦.