على الصحيحي لا بدّ من تقييده بعنوان خاص كعنوان الناهي عن الفحشاء والمنكر ، أو نحوه ممّا هو مؤثر في حصول الغرض.
ولكن قد تقدّم أنّه لا يعقل أخذها في المأمور به فضلاً عن أخذها في المسمّى ، فلا تكون الصحّة بهذا المعنى مورداً للنزاع ، فانّ النزاع كما عرفت مراراً إنّما هو في الصحّة بمعنى التمامية ، ومن المعلوم أنّها ليست شيئاً آخر وراء نفس الأجزاء والشرائط بالأسر ، ولا هي موضوع للآثار ، ولا مؤثرة في حصول الغرض ، وعليه فلا حاجة إلى تقييد المسمّى بعنوان بسيط خارج عنهما.
ومن هنا يظهر أنّ هذه المسألة ليست من المسائل الاصولية ، والوجه في ذلك هو ما حقّقناه في أوّل الكتاب (١) في مقام الفرق بين المسائل الاصولية ومسائل بقية العلوم ، من أنّ كل مسألة اصولية ترتكز على ركيزتين أساسيتين :
الركيزة الاولى : أن تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي الكلي الإلهي ، وبهذه الركيزة امتازت المسائل الاصولية عن القواعد الفقهية بأجمعها على بيان تقدّم.
الركيزة الثانية : أن يكون وقوعها في طريق الاستنباط بنفسها ، أي بلا ضم كبرى أو صغرى اصولية اخرى إليها ، وبهذه الركيزة امتازت عن مسائل سائر العلوم الدخيلة في الاستنباط من النحو والصرف والرجال والمنطق واللغة ونحو ذلك ، فان مسائل هذه العلوم وإن كانت دخيلة في الاستنباط ، إلاّ أنّها ليست بحيث لو انضمّ إليها صغرياتها أنتجت نتيجة فقهية.
وعلى ضوء هذا البيان قد ظهر أنّ هذه المسألة ليست من المسائل الاصولية ، بل هي من المسائل اللغوية ، فلا تقع في طريق الاستنباط بلا ضم كبرى اصولية
__________________
(١) في ص ٤.