الأمر كما ذكره القائل.
الثاني : لو تنزّلنا عن ذلك وسلّمنا أنّ المتكلم لم يكن في مقام البيان في شيء من مطلقات العبادات ، إلاّ أنّ إمكان ترتب هذه الثمرة يكفينا لكون المسألة اصولية ، لما عرفت من أنّ الميزان فيها إمكان وقوعها في طريق استنباط حكم فرعي كلّي لا فعلية ذلك كما تقدّم.
نعم ، الذي يرد هنا ما ذكرناه سابقاً من أنّ هذه الثمرة ليست ثمرة لهذه المسألة ولا تترتب عليها بلا واسطة ، بل هي من ثمرات كبرى مسألة المطلق والمقيد ، وهي من صغريات تلك الكبرى ومن مبادئها ، من جهة أنّ البحث فيها في الحقيقة عن ثبوت الإطلاق وعدم ثبوته ، والبحث عن جواز التمسك به وعدم جوازه بحث عن المسألة الاصولية ، دونه.
الثالث : أنّ الإطلاق والتقييد في العبادات إنّما يلاحظ بالإضافة إلى المأمور به ومتعلق الأمر ، لا بالقياس إلى المسمّى بما هو ، ضرورة أنّ الإطلاق أو التقييد في كلام الشارع أو غيره إنّما يكون بالقياس إلى مراده ، وأ نّه مطلق أو مقيد ، لا إلى ما هو أجنبي عنه ، وعلى ذلك فلا فرق بين القولين ، فكما أنّ الصحيحي لا يمكنه التمسك بالإطلاق ، فكذلك الأعمي.
أمّا الصحيحي : فلما عرفت من عدم إحرازه الصدق على الفاقد لما شكّ في اعتباره جزءاً أو شرطاً لاحتمال دخله في المسمّى.
وأمّا الأعمي : فلأجل أنّه يعلم بثبوت تقييد المسمّى بالصحّة ، وأ نّها مأخوذة في المأمور به ومتعلق الأمر ، فانّ المأمور به حصّة خاصة من المسمّى وهي الحصّة الصحيحة ، ضرورة أنّ الشارع لا يأمر بالحصّة الفاسدة ، ولا بما هو الجامع بينها وبين الصحيحة ، وعلى ذلك فلا يمكن التمسك بالإطلاق عند الشك في جزئيه شيء أو شرطيته ، للشك حينئذ في صدق المأمور به على الفاقد للشيء المشكوك فيه.