غرض واحد.
ولو تنزلنا عن ذلك ، وفرضنا أنّ له موضوعاً ، فما هو الموضوع له؟ قيل : إنّ موضوعه الأدلة الأربعة بوصف دليليتها ، وهذا القول هو مختار المحقق القمي قدسسره كما هو ظاهر كلامه في أوّل كتابه (١) وقد صرّح بذلك في هامشه عليه (٢).
ويرد عليه : أنّ لازم ذلك خروج المسائل الاصولية عن علم الاصول ، وكونها من مبادئه ، كمباحث الحجج والأمارات ، ومباحث الاستلزامات العقلية ، والاصول العملية : الشرعية والعقلية ، ومبحث حجية العقل ، وظواهر الكتاب بل مبحث التعادل والترجيح ، ما عدا مباحث الألفاظ ، فانّ كبرى هذه المسألة ـ وهي مسألة حجية الظواهر ـ مسلّمة عند الكل ، ولم يخالف فيها أحد ولم يقع البحث عنها في أيّ علم من العلوم ، فلا كلام فيها.
وإنّما الكلام في صغريات هذه الكبرى ، أعني ظهور الألفاظ في شيء وعدم ظهورها فيه ، كالبحث عن أنّ الأمر أو النهي هل هو ظاهر في الوجوب أو التحريم أم لا ، وغير ذلك. وعليه فيكون البحث عنها عن عوارض الدليل بما هو دليل ، فانّه لا شبهة في دليليّة الكتاب والسنّة في أنفسهما ، وإنّما الكلام هناك في تعيين مدلولهما ، وذلك من عوارضهما.
أمّا خروج مباحث الحجج والأمارات فواضح ، لأنّ البحث فيها بأسرها عن الدليليّة ، وهو بحث عن ثبوت الموضوع لا عن عوارضه الذاتية ، فتدخل إذن في مقدماته ومبادئه لا في مسائله ، حتى مبحث التعادل والترجيح ، على ما
__________________
(١) قوانين الاصول ١ : ٩ السطر ٢٢.
(٢) نفس المصدر ص ٨.