وبتعبير واضح : أنّ العناوين التي تؤخذ في القضايا على أنحاء ثلاثة :
الأوّل : أن تلاحظ معرّفة إلى الأفراد ومشيرة إليها من دون كونها دخيلة في الحكم أصلاً ، وهذا يتفق في القضايا الخارجية ، فانّ العناوين التي تؤخذ فيها قد تلاحظ معرفة إلى الأفراد ، فيقال : صلّ خلف ابن زيد ، فعنوان ابن زيد قد اخذ معرّفاً إلى ما هو الموضوع في الواقع بلا دخل له في الحكم.
الثاني : تلاحظ دخيلة في الحكم ، بمعنى أنّ الحكم يدور مدارها حدوثاً وبقاءً ، وهذا هو الظاهر عرفاً من العناوين المأخوذة في القضايا الحقيقية ، فقوله عزّ من قائل (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (١) ظاهر في أنّ وجوب السؤال يدور مدار صدق هذا العنوان وجوداً وعدماً.
الثالث : تلاحظ دخيلة في الحكم حدوثاً لا بقاءً ، بمعنى أنّ بقاء الحكم لا يدور مدار بقاء العنوان ، فيكون حدوث العنوان علّة محدثة ومبقية معاً ، فعناوين القضايا الحقيقية لا تخلو عن القسمين الأخيرين وإن كان القسم الأوّل منهما هو الغالب والكثير فيها ، ومن ثمّ لم نجد لحدّ الآن مورداً يكون العنوان في القضيّة الحقيقية لوحظ معرّفاً إلى ما هو الموضوع في الواقع بلا دخل له في الحكم.
وعلى ضوء معرفة هذا يقع الكلام في أنّ عنوان الظالم المأخوذ في موضوع الآية المباركة هل لوحظ دخيلاً في الحكم على النحو الأوّل أو على النحو الثاني؟
فالاستدلال بالآية الكريمة على عدم لياقة عبدة الأصنام للخلافة إلى الأبد مبتن على أن يكون دخله على النحو الثاني دون الأوّل.
__________________
(١) الأنبياء ٢١ : ٧.