ولا يخفى أنّ الارتكاز الناشئ من مناسبة الحكم والموضوع يستدعي أنّ التلبّس بهذا العنوان آناً ما كافٍ لعدم نيل العهد والخلافة أبداً.
والوجه فيه : أنّ جبّلة الناس على أنّ المتقمص لمنصب الخلافة والإمامة التي هي أعظم منصب إلهي بعد الرسالة ، لا بدّ أن يكون مثالاً سامياً للمجتمع في سيرته وأخلاقه ، ومعرّاً عن أيّة منقصة خَلقية وخُلقية ، وقدوة للناس وقائداً مثالياً لهم ، فلو أنّ أحداً اعتاد شرب الخمر والزنا أو اللواط في زمان ثمّ ترك وتاب ، وبعد ذلك ادّعى منصب الخلافة من الله تعالى لم تقبل دعواه ، لأجل أنّ الناس لا يرونه قابلاً لأن يتصدى هذا المنصب الإلهي ، بل يعتقدون أنّ الله تعالى لا يجعله خليفة لهم ، فانّ الخليفة هو ممثّل من قبله تعالى ، والممثّل من قبله لا بدّ أن يكون مثالاً روحياً للبشر ، ومربياً لهم في سيرته وداعياً إلى الله تعالى بأخلاقه وأعماله ، ليكون أثره أثراً طيباً وسامياً في النفوس. وهذا كنبينا محمّد صلىاللهعليهوآله وأوصيائه الأطيبين عليهمالسلام وليس معنى هذا اعتبار العصمة قبل الخلافة ، ليقال إنّها لا تعتبر قبلها ، بل من جهة أنّ الخلافة لعلوّ شأنها وجلالة قدرها ومكانتها لا بدّ أن يكون المتصدي لها مثالاً أعلى للمجتمع الإنساني ، في علوّ الشأن وجلالة القدر والمكانة ، فمن عبد الوثن في زمن معتد به كيف يكون أهلاً لذلك ، وكيف يجعله الله تعالى ممثّلاً وهادياً للُامّة ، والحال أنّه كغيره من أفراد الامّة ، ولا امتياز له عن البقية في شيء. وهذا ممّا تستدعيه مناسبة الحكم والموضوع.
ويؤكده أمران آخران أيضاً :
الأوّل : نفس إطلاق الحكم في الآية المباركة ، فانّ الإتيان بصيغة المضارع وهي كلمة (لا يَنالُ) بلا تقييدها بوقت خاص ، يدل على عدم اختصاص الحكم بزمن دون زمن ، وأ نّه ثابت أبداً لمن تلبس بالظلم ولو آناً ما.