المنقول والشهرة الفتوائية ، ومبحث التعادل والترجيح ، والاصول العملية :
الشرعية والعقلية ، فانّ البحث في جميع هذه المسائل ليس عن العوارض الذاتية لأحد الأدلة الأربعة كما هو ظاهر.
فتحصّل : أنّه لا فرق بين هذا القول والقول الأوّل إلاّفي مسألة حجية ظواهر الكتاب وحجية العقل ، فانّهما ليستا من المسائل الاصولية على القول الأوّل ، وتكونان منها على هذا القول.
ومن هنا التجأ شيخنا العلاّمة الأنصاري قدسسره إلى إرجاع البحث عن مسألة حجية خبر الواحد إلى البحث عن أحوال السنّة ، وأنّ مرجعه إلى أنّ السنّة ـ أعني قول المعصوم أو فعله أو تقريره ـ هل تثبت بخبر الواحد أو لا؟ وبذلك تدخل في مسائل اصول الفقه الباحثة عن أحوال الأدلة (١).
ويرد عليه : أنّه غير مفيد ، وذلك لأنّه لو اريد من الثبوت ، الثبوت التكويني الواقعي ، أعني كون خبر الواحد واسطة وعلة لثبوت السنّة واقعاً ، فهذا غير معقول ، بداهة أنّ خبر الواحد ليس واقعاً في سلسلة علل وجودها ، وكيف يمكن أن يكون كذلك وهو حاك عنها ، والحكاية عن شيء متفرعة عليه وفي مرتبة متأخرة عنه. على أنّ البحث في هذه المسألة حينئذ يكون عن مفاد كان التامة ، أي عن ثبوت الموضوع ، لا عن عوارضه.
ولو اريد منه الثبوت التكويني الذهني ، أعني كون خبر الواحد واسطة لاثبات السنّة واقعاً ووجداناً ، فهو أيضاً غير معقول ، ضرورة أنّ خبر الواحد لا يفيد العلم الوجداني بالسنّة ، ولا يعقل انكشاف السنّة به واقعاً كما تنكشف بالمتواتر والقرينة القطعية ، ومع فرض الانكشاف حقيقة ، لا تبقى للبحث عن
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ١٥٦.