لأمكن لنا التمسك باطلاق قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) لاثبات عدم اعتباره فيه. وأمّا إذا كان مقيداً بشيء من الخصوصيات المتقدمة فنستكشف منه التقييد ثبوتاً بعين الملاك المزبور.
ثمّ أورد عليهم بأنّ هذا الفرق غير صحيح ، وذلك لأنّ صحّة الحمل وعدم صحّته لا تختلف من حيث اعتبار شيء لا بشرط أو بشرط لا ، لأنّ العلم والحركة والضرب وما شاكلها ممّا يمتنع حملها على الذوات وإن اعتبر لا بشرط ألف مرّة ، فان ماهية الحركة أو العلم بنفسها غير قابلة للحمل على الشيء ، فلا يقال : زيد علم ، أو حركة ، ومجرد اعتبارها لا بشرط بالإضافة إلى الطوارئ والعوارض الخارجية لا يوجب انقلابها عمّا كانت عليه ، فاعتبار اللاّ بشرط وبشرط اللاّ من هذه الناحية على حد سواء ، فالمطلق والمقيد من هذه الجهة سواء ، وكلاهما آبيان عن الحمل ، فما ذكروه من الفرق بين المشتق والمبدأ لا يرجع إلى معنىً صحيح (١).
ولايخفى أنّ ما ذكره ليس مراداً للفلاسفة من الكلمتين : اللاّ بشرط وبشرط اللاّ يقيناً كما سيتّضح ذلك. وعليه فما أورده قدسسره عليهم في غير محلّه.
وقال المحقق صاحب الكفاية قدسسره في مقام الفرق بينهما ما هذا لفظه : الفرق بين المشتق ومبدئه مفهوماً أنّه بمفهومه لا يأبى عن الحمل على ما تلبس بالمبدأ ولا يعصى عن الجري عليه ، لما هما عليه من نحو من الاتحاد ، بخلاف المبدأ فانّه بمعناه يأبى عن ذلك ، بل إذا قيس ونسب إليه كان غيره لا هو هو ، وملاك الحمل والجري إنّما هو نحو من الاتحاد والهوهوية ، وإلى هذا
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٦٢.