المعنى يرجع ما ذكره أهل المعقول في الفرق بينهما (١).
أقول : ظاهر عبارته قدسسره أنّ الفرق بينهما ذاتي ، بمعنى أنّ مفهوم المشتق سنخ مفهوم يكون في حد ذاته لا بشرط فلا يأبى عن الحمل. ومفهوم المبدأ سنخ مفهوم يكون في حد ذاته بشرط لا فيأبى عن الحمل ، لا أنّ هنا مفهوماً واحداً يلحظ تارةً لا بشرط ، واخرى بشرط لا ، ليكون الفرق بينهما بالاعتبار واللحاظ.
ويرد عليه : أنّ هذا لا يختص بالمشتق ومبدئه ، بل هو فارق بين كل مفهوم آبٍ عن الحمل وما لم يأب عن ذلك ، بل إنّ هذا من الواضحات الأوّلية ، ضرورة أنّ كل شيء إذا كان بمفهومه آبياً عن الحمل فهو لا محالة كان بشرط لا. وكل شيء إذا لم يكن بمفهومه آبياً عنه فهو لا محالة كان لا بشرط ، ومن الواضح أنّ الفلاسفة لم يريدوا بهاتين الكلمتين هذا المعنى الواضح الظاهر ، فانّه غير قابل للبحث ، ولا أن يناسبهم التصدي لبيانه كما لا يخفى.
فالصحيح أن يقال : إنّ مرادهم كما هو صريح كلماتهم هو أنّ ماهية العرض والعرضي ـ المبدأ والمشتق ـ واحدة بالذات والحقيقة ، والفرق بينهما بالاعتبار واللحاظ ، من جهة أنّ لماهية العرض في عالم العين حيثيتين واقعيتين : إحداهما حيثية وجوده في نفسه. واخرى حيثية وجوده لموضوعه.
فهي تارةً تلاحظ من الحيثية الاولى وبما هي موجودة في حيالها واستقلالها وأ نّها شيء من الأشياء في قبال وجودات موضوعاتها ، فهي بهذا اللحاظ والاعتبار عرض ومبدأ بشرط لا ، وغير محمول على موضوعه لمباينته معه ،
__________________
(١) كفاية الاصول : ٥٥.