وملاك الحمل الاتحاد في الوجود.
وتارةً اخرى تلاحظ بما هي في الواقع ونفس الأمر ، وأنّ وجودها في نفسه عين وجودها لموضوعها ، وأنّ وجودها ظهور الشيء وطور من أطواره ومرتبة من وجوده ، وظهور الشيء لا يباينه ، فهي بهذا الاعتبار عرضي ومشتق لا بشرط فيصح حملها عليه.
وبعين هذا البيان قد جروا في مقام الفرق بين الجنس والمادة والفصل والصورة ، حيث قالوا : إنّ التركيب بين المادة والصورة تركيب اتحادي لا انضمامي وهما موجودان في الخارج بوجود واحد حقيقةً ، وهو وجود النوع كالانسان ونحوه ، فانّ المركبات الحقيقية لا بدّ لها من جهة وحدة حقيقية ، وإلاّ لكان التركيب انضمامياً. ومن الظاهر أنّ الوحدة الحقيقية لا تحصل إلاّ إذا كان أحد الجزأين قوّةً صرفةً والآخر فعلية محضة ، فانّ الاتحاد الحقيقي بين جزأين فعليين ، أو جزأين كلاهما بالقوّة غير معقول ، لإباء كل فعلية عن فعلية اخرى ، وكذا كل قوّة عن قوّة اخرى ، ولذلك صحّ حمل الجنس على الفصل وبالعكس ، وحمل كل منهما على النوع وكذا العكس ، فلو كان التركيب انضمامياً لم يصح الحمل أبداً ، لمكان المغايرة والمباينة.
وعلى هذا الضوء فالتحليل بين أجزاء المركبات الحقيقية لا محالة تحليل عقلي ، بمعنى أنّ العقل يحلّل تلك الجهة الواحدة إلى ما به الاشتراك وهو الجنس وما به الامتياز وهو الفصل ، فالجهة المميّزة لتلك الحقيقة الواحدة عن بقية الحقائق هي الفصل ، وإلاّ فالجنس هو الجهة الجامعة والمشتركة بينها وبين سائر الأنواع والحقائق ويعبّر عن جهة الاشتراك بالجنس مرّةً وبالمادة اخرى ، كما أنّه يعبّر عن جهة الامتياز بالفصل تارة وبالصورة تارة اخرى ، وليس ذلك إلاّ من جهة أنّ اللحاظ مختلف.
فقد تلاحظ جهة الاشتراك بما لها من المرتبة الخاصّة والدرجة المخصوصة