الثانية : أنّ اعتبار لا بشرط يصحّح الحمل ، فالمبدأ إذا لوحظ لا بشرط فهو مشتق وعرضي ويصح حمله على موضوعه ، وإن اعتبر بشرط لا فهو عرض فلا يصح ، كما هو الحال في الجنس والفصل والمادة والصورة.
ولا يخفى ما في كلتا الدعويين :
أمّا الدعوى الاولى : فلما ذكرناه سابقاً من أنّ مفهوم المشتق مركب من ذات لها المبدأ ، وقد أثبتناه بالوجدان والبرهان ، وناقشنا في جميع ما يستدل على البساطة واحداً بعد واحد على ما تقدّم (١).
ثمّ لو فرضنا أنّ مفهوم المشتق بسيط فلا مناص من الالتزام بكونه غير مفهوم المبدأ ومبايناً له ذاتاً ، وذلك لما عرفت من استحالة حمل مفهوم المبدأ على الذات في حال من الحالات ، وضرورة صحّة حمل المشتق بما له من المفهوم عليها في كل حال ، ونتيجة ذلك أنّ مفهوم المشتق على تقدير تسليم أن يكون بسيطاً فلا محالة يكون مبايناً لمفهوم المبدأ بالذات.
وأمّا الدعوى الثانية : فيردّها الوجوه المتقدمة (٢) جميعاً ، وإليك ملخصها :
١ ـ أنّ هذا الفرق ليس فارقاً بين المشتق ومبدئه ، بل هو بين المصدر واسمه.
٢ ـ أنّ وجود العرض مباين لوجود الجوهر ذاتاً فلا يمكن الاتحاد بينهما باعتبار اللاّ بشرط.
٣ ـ أنّ هذا لو تمّ فانّما يتم فيما إذا كان المبدأ من الأعراض المقولية دون غيرها.
__________________
(١) في ص ٣٠٥ وما بعدها.
(٢) في ص ٣١٨ وما بعدها.