جعل الامور التكوينية التي جبل الانسان على إدراكها ، بل بطريق الإلهام إلى كل عنصر من عناصر البشر على حسب استعداده.
الثاني : التزامه قدسسره بوجود مناسبة مجهولة بين الألفاظ والمعاني.
الثالث : أنّ وضعه ( تبارك وتعالى ) إنّما كان على طبق هذه المناسبة.
الرابع : أنّ الوضع جعل متوسط بين الجعل التكويني والجعل التشريعي.
الخامس : أنّه قدسسره بعد نفي الدلالة الذاتية استند في دعوى أنّ الله ( تبارك وتعالى ) هو الواضع الحكيم دون غيره إلى أمرين :
الأوّل : أنّه لا يمكن أن يكون الواضع هو البشر ، لعدم إمكان إحاطته بتمام ألفاظ لغة واحدة فضلاً عن جميع اللغات ، فإذا امتنع أن يكون البشر واضعاً تعيّن أنّ الله تعالى هو الواضع الحكيم.
الثاني : أنّه على فرض تسليم أنّ البشر قادر على وضع الألفاظ لمعانيها بمعنى أنّ شخصاً أو جماعة معيّنين من أهل كل لغة يتمكن من وضع ألفاظها لمعانيها ، إلاّ أنّه لمّا كان من أكبر خدمات للبشر فلا بدّ من تصدي التواريخ لضبطه التي هي معدّة لضبط الأخبار السالفة والوقائع المهمّة ، خصوصاً مثل هذا الأمر المهم ، مع أنّه لم يكن فيها عن حدوث الوضع في أيّ عصر وزمان وعمّن تصدى له عين ولا أثر ، فإذا فرض أنّ البشر كان هو الواضع لنقل ذلك في التواريخ فانّها تتكفل بنقل ما هو دونه فكيف بمثله.
ولكنّ للتأمل في جميع هذه الامور مجالاً واسعاً :
أمّا الأوّل : فيظهر ضعفه ممّا نذكره من ضعف ما اعتمد عليه من الوجهين المذكورين.
وأمّا الثاني : فيرده أنّه تخرّص على الغيب ، لما قد سبق من أنّه لا دليل على