كالتصور والتصديق بالفائدة ونحوهما ، ومن الواضح أنّ الارادة بهذا المعنى لا تتصور في حقّه سبحانه وتعالى ، فانّ فاعليته تامّة ، لا نقصان فيها أبداً ، وأ نّه فاعل بنفس ذاته العليمة المريدة ، ولا تتوقف فاعليته على أيّة مقدّمة خارجة عن ذاته تعالى.
الرابعة : أنّ الابتهاج في مرحلة الفعل هو الارادة الفعلية المنبعث عن الابتهاج الذاتي الذي هو الارادة الذاتية ، والروايات الدالّة على حدوث الارادة إنّما يراد بها الارادة الفعلية التي هي من آثار إرادته الذاتية.
ولنأخذ بالنظر في هذه النقاط :
أمّا النقطة الاولى : فهي تامّة من ناحية ، وهي أنّ مفهوم الارادة غير مفهوم العلم ، وخاطئة من ناحية اخرى ، وهي أنّ مفهوم الارادة الابتهاج والرضا.
أمّا تماميتها من الناحية الاولى ، فلما ذكرناه في بحث المشتق (١) من أنّ مفاهيم الصفات العليا الذاتية مختلفة ومتباينة ، فانّ مفهوم العلم غير مفهوم القدرة وهكذا ، ولا فرق في ذلك بين الواجب والممكن. نعم ، يفترق الواجب عن الممكن في نقطة اخرى ، وهي أنّ مطابق هذه الصفات في الواجب واحد عيناً وذاتاً وجهةً ، وفي الممكن متعدد كذلك.
وأمّا عدم تماميتها من الناحية الثانية ، فلأنّ من الواضح أنّ مفهوم الارادة ليس هو الابتهاج والرضا ، لا لغةً ولا عرفاً ، وإنّما ذلك اصطلاح خاص من الفلاسفة ، حيث إنّهم فسّروا الارادة الأزلية بهذا التفسير. ولعل السبب فيه التزامهم بعدّة عوامل تالية :
الأوّل : أنّ إرادته تعالى عين ذاته خارجاً وعيناً.
__________________
(١) في ص ٣٣٣.